كون بلوغ الثلاثمائة غاية لفرض الثلاث داخلة في المغيا كما هو الشأن في أكثر الغايات الواقعة فيه وفي غيره من الأخبار المتضمنة نصب الإبل والغنم، والكلام الذي بعده يقتضي إناطة الحكم بثبوت وصف الكثرة، وفرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة في شئ، فلا يتناوله الحكم حتى يقع التعارض، بل يكون خبر الفضلاء مشتملا على بيان حكم لم يتعرض له في الصحيح المزبور لحكمة، ولعلها التقية " وأيده بعضهم بأن المعصوم (عليه السلام) بعد أن جعل الغاية نفس الثلاثمائة لا بلوغها ولا أولها كان المعنى إلى منتهى عدد ثلاثمائة، فإذا انتهى لا جرم يكون الزائد داخلا في الأربعمائة، لكنه عليه السلام لم يقل فإذا زادت واحدة ففي كل مائة شاة كما كان دأبه القول كذلك في النصب الآخر وفي جميع النصب في غير هذه الصحيحة، بل عدل عنه إلى قوله (عليه السلام): " فإذا كثرت " إلى آخره، وما ذاك إلا لنكتة جزما، ومعلوم أن الزائد على الثلاثة كثير، بل الثلاثة أيضا وجميع المراتب بالنسبة إليه على حد سواء، وكون انقضاء ثلاثمائة قرينة معينة لإرادة زيادة واحدة بعدها من لفظ " كثرت " لعله يمنعه العدول إلى عبارة " كثرت " المتوغلة في الابهام من دون نكتة أصلا، لأن الثلاثمائة والأنقص منها كثيرة أيضا كثرة كاملة بالغة من دون تفاوت بينها وبين ما إذا زادت واحدة فقط حتى يعبر المعصوم عنها بعبارة " إذا كثرت " مع عدم تعبيره أصلا فيما نقص عن زيادة خصوص الواحدة في هذه المرتبة بلفظ الكثرة أصلا، وغير خفي على الذوق السليم أن الوجه في مثل ذلك إنما هو التقية كما هو دأبهم (عليهم السلام) المعلوم في مواضع كثيرة، كل ذلك مضافا إلى اشتماله على ما لا نقول به من قوله (عليه السلام): " إن يشأ المصدق " ومن قوله (عليه السلام): " ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق " إلا إذا أريد الاجتماع في الملك والافتراق فيه أو نحو ذلك، ومن قوله (عليه السلام): " يعد صغيرها وكبيرها " إلى غير ذلك.
(٨٥)