جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج ١٥ - الصفحة ٤٥١
معرفة لحن القول عدم وجوب هذا التحديد، خصوصا مع ملاحظة ما في الخبرين من التعليل الظاهر في إرادة الكراهة من النهي فيهما، ضرورة كون المراد منه أنه إذا كان ذلك هو الأقل فرضا فهو الأقل دفعا، لأن الزكاة اسم للقدر المخصوص من المال، فمع فرض كون أقله ذلك كان الناقص منه ليس زكاة، فلا يصدق عليه أن المأتي زكاة حتى يكون خمسة فصاعدا، ولا يخفى عليك كونه تعليل مناسبة للحكم لا تعليلا له حقيقة لوجوه لا تخفى، ولعل الأشد من ذلك كراهة الأقل من الدرهم والقيراطين وإن كنا لم نعثر على ما يدل على ذلك صريحا، وإجماع المرتضى في المصريات متبين خلافه، على أنه غير صريح، لأن المحكي عنه أنه قال فيها: إن أقل ما يجزي من الزكاة درهم للاحتياط وإجماع الفرقة المحقة، لأن من أخرج هذا المبلغ أجزأ عنه وسقط ما في ذمته بالاجماع، وليس الأمر على ذلك فيمن أخرج أقل منه، وهو كما ترى، نعم لا بأس في القول بشدة الكراهة للتسامح، وللخروج عن شبهة الخلاف، ولما يشعر به سؤال المكاتبتين من أن منتهى القلة الدرهم الذي سئل فيهما عن جواز دفعه لا الأقل منه.
كما أنه لم نعثر على التقدير بالنسبة إلى الذهب، ولعله لذا اقتصر عليها في المقنعة اللهم إلا أن يجعل المراد من الخمسة دراهم ما يقابلها منه، وهو نصف دينار، لمعروفية مقابلة العشرة به، ولعله لذا اقتصر بعضهم كالإسكافي وعلم الهدى والشيخين على ما حكي عنهم على التقدير بالنسبة إليهما خاصة، فيبقى غيرهما حينئذ على أصالة عدم التقدير، إنما العجب ما يحكى عن علي بن بابويه من الاقتصار على نصف دينار، مع أنا لم نعثر على خبر فيه فضلا عما يقتضي الاقتصار عليه، ونحوه ما في المختلف عن مقنع ولده من أنه يجوز أن يعطى للرجل الواحد الدرهمين والثلاثة، ولا يجوز في الذهب إلا نصف دينار وكأنه تبع به والده، لكن الفاضل الإصبهاني قال: إن الموجود فيما حضرني من نسخته الاقتصار علي نصف دينار من غير تعرض للدراهم، كما نقله في الفقيه عن أبيه، وعلى
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست