السؤال ويناسبه من تحديد المؤمن وحاله من فسق أو عدالة مثلا إلى الجواب بتحديد مقدار ما يعطى عشرة آلاف أو ثلاثة آلاف فإن في ذلك تنبيها واضحا على ورود الحكم للتقية، كما لا يخفى على من أنصف وأعطى التأمل حقه.
لكن لا يخفى عليك أن كثيرا من ذلك إنما يقتضي القول الآخر، وهو ما ذكره المصنف بقوله: (واعتبر آخرون مجانبة الكبائر كالخمر والزنا دون الصغائر وإن دخل بها في جملة الفساق) وإن كنا لم نعرف من حكي عنه هذا القول إلا ابن الجنيد والمرتضى في ظاهره أو محتمله كما سمعت، بل أرجعه ثاني الشهيدين إلى القول الأول قائلا: قد عرف الشهيد العدالة هنا وفي شرح الإرشاد بأنها الملكة الباعثة على التقوى، ولم يعتبر فيها المروة، وحينئذ فمرجعها إلى اجتناب الكبائر، لأن الاصرار على الصغيرة يلحقها بالكبيرة، وعدم الاصرار لا يؤثر، فيتحد القولان، وملخصه ما أشار إليه في الروضة من أن الصغائر إن أصر عليها لحقت بالكبائر، وإلا لم توجب الفسق، والمروة غير معتبرة في العدالة هنا، فلزم من اشتراط تجنب الكبائر اشتراط العدالة، وإن كان قد يناقش فيه بأنه - مع مخالفته للمصنف وغيره ممن حكى هذا القول مع القول الأول، وعدم معلومية عدم اعتبار المروة من كل من اشتراط العدالة الظاهرة في اعتبارها بعد دخولها في مفهومها، وعدم ظهور الدليل عليها عندنا لا يقتضي عدم اعتبارها عندهم لدليل لم يصل إلينا أن تخليه وإن لم يكن كذلك، ومع إمكان الفرق بينهما على هذا التقدير باعتبار الملكة وعدمها فإن اجتناب الكبائر أعم من أن يكون عن ملكة تقتضي ذلك بخلاف العدالة - يمكن أن يقال: إن المتبادر من الكبائر في عبارة من اعتبر اجتنابها كل ذنب من الذنوب الذي يكون بنفسه كبيرا لا باجتماع الصغائر، سيما في عبائر النقلة لهذا القول، وخصوصا المتن.
لكن على حال قد عرفت أن جميع ما تقدم من الأدلة بين قاصر السند والدلالة