عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي فقال (عليه السلام): قد قال لغني ولم يقل لذي مرة سوي " وفي خبر زرارة (1) المروي عن معاني الأخبار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ولا لمحترف ولا لقوي، قلنا: ما معنى هذا؟
قال: لا يحل له أن يأخذها وهو يقدر على ما يكف نفسه عنها " والخبر الأخير منها ظاهر في موافقة الثاني، لكن الأول فيه إشعار بالكراهة لا الحرمة، فيمكن حمل نفى الحل فيه للقوي عليها، كما أن الظاهر من انكاره أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ذلك جواز تناولها لذي لقوة، لكن في الوافي جعل الوجه فيه " أن ذكر الغني يغني عن ذكر ذي المرة السوي، قال: ولذا لم يقله، وذلك لأن الغنى قد يكون بالقوة والشدة كما يكون بالمال، ولو فرض رجل لا تغنيه القوة والشدة فهو فقير محتاج لا وجه لمنعه من الصدقة، فبناء المنع على الغنى ليس إلا " وهو كما ترى، والأولى حمله على ما قلنا، فيدل على جواز إعطاء ذي القوة إذا لم يكن محترفا فعلا.
ويؤيد ذلك ما عساه يظهر من بعضهم من الاجماع على جواز إعطاء ذي الصنعة إذا أعرض عنها وترك التكسب بها، وإطلاق الأدلة وترك الاستفصال في كثير منها، والسيرة المستمرة في سائر الأعصار والأمصار على إعطائها للأقوياء القابلين للاكتساب اللهم إلا أن يحمل ذلك على حاجتهم الفعلية وإن كان ذلك بسبب تركه التكسب المقدور له، أو على عدم العلم بكونه قادرا على تكسب ما يمون به نفسه وعياله، ضرورة أعمية الاحتراف من ذلك، فمجرد قابليته للتكسب وقوته عليه لا يقضي بقدرته على تكسب مؤونته، إذ ربما لا يربح بل قد يخسر.
لكن الأقوى في النظر الجواز مطلقا وإن كان الأولى له التنزه عنها إذا لم يكن