بعد الحول وقبل الاخراج فالبيع في قدر الزكاة مبني على الأقوال، فمن أوجبها في الذمة جوز البيع، ومن جعل المال مرهونا فالأقوى الصحة، وإن قيل بالشركة فالأقوى الصحة أيضا، لعدم استقرار حق المساكين، فإن له إسقاطه بالاخراج من غيره، وإن قيل تعلق أرش الجاني ابتنى على بيع الجاني، والوجه ما قلناه من صحة البيع مطلقا، ويتبع الساعي المال إذا لم يؤد المالك المال، فينفسخ البيع فيه على ما تقدم، ولو لم يؤد المالك من غيره ولم يأخذ الساعي من العين كان للمشتري الخيار، لتزلزل ملكه، وتعرض الساعي به متى شاء، ولو دفع المالك الزكاة من موضع آخر سقط خيار المشتري لزوال العيب، ويحتمل ثبوته، لامكان أن يخرج المدفوع مستحقا، فيتبع الساعي المال - ثم قال -: ولو قلنا ببطلان البيع في قدر الزكاة كما اختاره الشيخ صح البيع في الباقي، فللمشتري الخيار، ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع أخر، لأن العقد في قدر الزكاة لا ينقلب صحيحا بذلك ".
وفيه مواضع للنظر لا تخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرنا، كما لا يخفى عليك أنه لا يتجه ما ذكراه من صحة البيع على تقدير الشركة في نصيبه إلا على المختار من أن الشركة على جهة الإشاعة في كل جزء من أجزاء النصاب دون الشركة على جهة الترديد في الكلي بمعنى أن للفقير شاة من الأربعين مثلا دائرة، لا أن له في كل شاة جزءا، إذ هو مع أنه خلاف ظاهر الأدلة السابقة لا يتم القول بالصحة في نصيبه عليه، للابهام والاجمال في كل من نصيب الفقير والمالك، فلا يصح بيع واحد منهما، لأنه بمنزلة بيع شاة من هذه الشياه وعبد من هؤلاء العبيد، وقد عرفت الاجماع على الصحة في نصيب المالك، بل قد يستفاد مما هنا قوة ما ذكرناه سابقا من تعلق الزكاة بالنصاب والعفو لو كان، لا أنها مختصة به دون العفو، فإنه قد لا يتجه صحة البيع حينئذ للابهام والاجمال