منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٠١
أقول: وبهذا البيان وان كان يسلم كلام الماتن عن إشكال المحقق النائيني (قده) الا أن الانصاف عدم ظهور المتن في ما استفاده شيخنا العراقي، ولعله فهم ذلك من مجلس درس أستاذه المحقق الخراساني، وعليك بالتأمل فيه. ولو تم هذا التوجيه لم يندفع إشكال التمسك بالاطلاق، للشك في شمول بناء العقلاء لأصالة الاطلاق في هذا المورد، لفرض أن المحذور في نفس مقام الاثبات، ومعه لا مجال لكونه كاشفا عن مقام الثبوت كما يدعيه المحقق النائيني (قده) فتصل النوبة إلى الأصل العملي الذي سيأتي الحديث عنه.
ويمكن الجواب عن الثاني بما أفيد أيضا من المنع من قوله: (فان الابتلاء بحكم العقل والعرف من شرائط تنجز الخطاب المتأخر عن مرتبة أصل إنشائه) ضرورة أن القدرة العادية كالعقلية من الانقسامات الأولية السابقة على الانشاء اللاحقة للشئ قبل تعلق الأمر والنهي به، فان ذات المأمور به والمنهي عنه قبل تعلق خطاب الشارع بها تكون معروضة لقدرة المكلف عليها وعجزه عنها، فانقسام المكلف إلى القادر على إيجاد المتعلق والعاجز عنه ليس متأخرا عن مرتبة إنشاء الحكم حتى لا يكون الخطاب الانشائي مطلقا بالنسبة إلى القدرة العرفية ولا مقيدا بها، بل ذلك متقدم على مرتبته، فهو مطلق بالنسبة إلى القدرة العرفية.
وتوهم (أن القدرة على إتيان المأمور به مثلا بوصف أنه مأمور به متأخرة عن الامر، ومن المعلوم عدم تكفل الامر لما ينشأ منه ويترتب عليه، فلا يكون مطلقا بالنسبة إلى القدرة أو مقيدا بها كقصد الامر) كاد أن يكون من غرائب الكلام، فان الاستهجان العرفي الذي يدعيه القائل باعتبار الابتلاء انما هو العجز العادي عن المتعلق بما هو هو لا بوصف كونه مأمورا به، وكذا عدم الاستهجان عند الابتلاء