منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٠٢
به انما هو القدرة على مركب الامر بما هو هو لا بوصف كونه مأمورا به حتى تكون متأخرة عن الانشاء ويستحيل إطلاقه وتقييده بها، هذا.
مضافا إلى أنه مع تسليم كون الابتلاء من الانقسامات المتأخرة عن الانشاء لا وجه لجعله شرطا لتنجز الحكم، فإنه - مع منافاته لتصريح المصنف قبل بيان التنبيهات بكونه من شرائط مرتبة الفعلية كعدم الاضطرار إلى بعض الأطراف ونحوه - يرد عليه: أن التنجز الرافع لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان عبارة عن وصول التكليف بعلم أو علمي إلى المكلف، فلا يكون للابتلاء دخل فيه، فليتأمل.
وتوجيه الكلام بما في تقرير شيخنا المحقق العراقي من (أن المقصود من تنجز الخطاب انما هو كونه منشأ لاستحقاق العقوبة على المخالفة، وهذا كما أن للوصول دخلا فيه كذلك للقدرة دخل فيه) مناف لما أفاده المصنف في تربيعه لمراتب الحكم من أن التنجز ليس إلا وصول التكليف البعثي أو الزجري بحجة من علم أو علمي إلى المكلف بحيث يستحق العقوبة على مخالفته، فلاحظ.
وأما اشكاله في الفوائد، فيجاب عنه بابتنائه على ما التزم به من المراتب الأربع للحكم، وكون التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة وجعل الاطلاق جمعا بين القيود لا رفضا لها. الا أن الخطاب المدعى شمول إطلاقه لمورد الابتلاء والخارج عنه ليس مجردا عن الداعوية والتحريك حتى يستحيل تقييده بالابتلاء.
ويظهر من كلام الشيخ - في بيان وجه اعتبار الابتلاء باستهجان الخطاب بدونه وعدم استهجانه مع الاشتراط به كأن يقول: اجتنب عن الخمر الموجود في بلاد الهند مثلا ان ابتليت به - أن المنشأ بالخطاب الشرعي انما هو الحكم الفعلي الواجد لمرتبة البعث والزجر الموجب لاستحقاق المؤاخذة على مخالفته عند وصوله إلى المكلف،