عقيب قضائه بالشفعة.
ثانيهما: ما أفاده صاحب العناوين بقوله: (الظاهر من سياق الخبر أن عدم تجويز ذلك ليس محض التعبد الشرعي، بل انما هو شئ يمنع منه العقل أيضا ومناف للحكمة كذلك، فكما هو قبيح غير مجوز بالنسبة إلى المكلفين، فكذا الحكيم على الاطلاق، فإنه أيضا لا يصدر منه مثل ذلك، فيصير المعنى أن الضرر والضرار غير مجوز بل هو قبيح، ويكون القضية مسوقة مساق قاعدة عقلية).
وفيه أولا: أن استظهار النهي والتحريم من الخبر منوط بكون الجملة إنشائية، وهو ينافي جعلها إرشادا إلى ما يستقل به العقل بقوله:
(ليس محض التعبد الشرعي).
وثانيا: أن إلقاء المكلف في الضرر انما يكون قبيحا لو لم يكن الضرر متداركا، وأما مع تداركه بالنفع الدنيوي أو الاجر الأخروي فلا قبح فيه كما اختاره صاحب العناوين بعد مقالته المتقدمة بأسطر بقوله: (فعلى هذا ما ورد في الشرع من التكاليف بعد وجود النفع الأخروي في الجميع، بل النفع الدنيوي من دفع بلية وحفظ مال وزيادة نعمة كما هو مقتضى الآيات والاخبار في الزكاة والصدقة و نظائر ذلك لا يعد ضررا حقيقة).
وعليه فمع تدارك الضرر الدنيوي بنفع مثله أو مثوبة أخروية لا يبقى موضوع للضرر حتى يكون تشريعه قبيحا وغير جائز على الحكيم. ومقتضى ذلك لغوية قاعدة نفي الضرر من رأس.
والحاصل: أنه لا وجه لنفي الاحكام الضررية بناء على إرادة التحريم منه الا ما ذكرناه من التخصيص.
وأما على مذهب من جعل (لا ضرر) من نفي الضرر غير المتدارك، فتقديمه على الأدلة الأولية يكون أيضا بالحكومة، لكونه ناظرا إلى المتعلق وهو الضرر،