وان كانت النسبة بينهما عموما من وجه، لأعمية الضرر المنهي عنه من الوضوء وغيره، وأعمية الوضوء من الوضوء الضرري وغيره، فيجتمعان في الوضوء الضرري ويقدم دليل النهي على الامر بالوضوء، إذ لو لم يقدم النهي عليه لزم لغويته كما لا يخفى.
وقد يقال بتقدم (لا ضرر) - بناء على إفادة النهي - على الاحكام الأولية بوجهين آخرين.
أحدهما: ما أفاده شيخ الشريعة، أما في العبادات فلاقتضاء النهي عن العبادة للفساد، فلا فرق في بطلان الوضوء الضرري بين القول بالنهي والنفي.
وأما الخيارات فحيث ان الحق عدم استناد شئ منها إلى قاعدة نفي الضرر فهي خارجة عن محل البحث موضوعا.
وفيه: أنه منوط بإثبات حرمة الاضرار بالنفس بحديث نفي الضرر، وهو غير مدلوله أعني حرمة الضرر بالمؤمن، وبدلالة الحديث على انتفاء الملاك حال الضرر.
مع أن المسألة مختلف فيها، لمكان أن يقال: ان امتنانية القاعدة لا ترفع إلا الالزام، كنفي الحرج، ومن المعلوم أن هذا أجنبي عن الفساد الذي يقتضيه النهي عن الضرر الرافع للمصلحة. وعليه، فالقول بإفادة النهي للفساد لا يلتئم مع مسلك القوم، مع أنه (قده) أراد توجيه فساد الوضوء الضرري ونحوه على مختارهم.
والحاصل: أنه بناء على النفي يمكن تصحيح العبادة بالملاك، إذ المنفي بالضرر هو مجرد الالزام، وبناء على النهي لا يمكن تصحيحها، لان النهي يرفع الملاك أيضا.
مضافا إلى مخالفته لما صرح به حول (لا ضرر) الواقع ذيل حديث الشفعة من أن المستفاد منه نفي الحكم الوضعي بقوله: (ولا مجال لإرادة ما عدا الحكم الوضعي في حديث الشفعة).
وانما رفع اليد عنه لزعمه أن جملة لا ضرر قضاء مستقل لم يصدر من النبي