الأول وإما معها أي بلسان نفي الموضوع كما هو مقتضى المعنى الثاني، هذا بناء على إرادة أحد هذين المعنيين.
وأما بناء على إرادة النهي من (لا ضرر) فلا يدل إلا على حرمة الاضرار إذا كان (الضرر) مصدرا حتى يصح تعلق النهي به بماله من المعنى المصدري، لكونه حينئذ فعلا اختياريا قابلا لتعلق التكليف به. وأما إذا كان اسم مصدر فعلا يصح تعلق النهي به، لعدم كون معناه حينئذ فعلا اختياريا صالحا لتعلق التكليف به.
ثم انه بناء على إرادة النهي من (لا ضرر) يشمل إطلاقه الاضرار بالنفس وبالغير، والاضرار المالي وغيره. ولو نوقش في إطلاقه للاضرار بالغير كفى دليلا على حرمته (لا ضرار). مضافا إلى غيره من النصوص الدالة على حرمة الاضرار بالغير.
ثم إن مقتضى كون (لا ضرر) حكما امتنانيا هو ارتفاع مجرد الالزام به مع بقاء الجواز والملاك، لان الحكم الملقي في الضرر هو الالزام دون الترخيص والملاك، نظير قاعدة نفي الحرج، فان المرفوع بها صرف الالزام، ولذا يبنى على صحة الوضوء الحرجي.
وعليه فلا بد من الحكم بصحة الوضوء الضرري أيضا فيما إذا لم يكن الضرر متعلقا بالنفس أو الطرف، حيث إنه حينئذ مبغوض وذو مفسدة، ويمتنع أن يكون محبوبا ومقربا لفاعله إلى الله سبحانه وتعالى.
كما أن مقتضى امتنانية (لا ضرر) عدم جريانه فيما ينافي الامتنان كموارد الاقدام على الضرر.
منها: ما إذا زرع أرض الغير بدون اذنه، فان لمالك الأرض قلع الزرع وان خرج بالقلع عن المالية. ولا تجري فيه قاعدة نفي ضرر الزارع حيث لا يتسلط مالك الأرض على قلعه، حيث إن الضرر نشأ عن سوء اختيار مالك الزرع،