ولذا لا يكون بينهما تعارض، حيث إن التعارض منوط بوحدة المتعارضين موضوعا ومحمولا مع اختلافهما في السلب والايجاب، كقوله:
(أكرم الأمرأ ولا تكرمهم) وأما مع اختلافهما موضوعا أو محمولا فلا تعارض بينهما، كما إذا قال: (زيد ليس بأمير) فإنه لا يعارض (أكرم الأمراء) الذين يكون زيد منهم.
ومما ذكرنا يظهر وجه حكومة (لا ضرر) بناء على مذهبي الشيخ والمحقق الخراساني على أدلة الاحكام الأولية. أما على مذهب الشيخ فلان (لا ضرر) ناظر إلى أحكام الشريعة المطهرة، فان كان فيها حكم يوجب الضرر فهو غير مجعول، فالوجوب الضرري للوضوء لا جعل له، وكذا لزوم البيع الغبني.
وأما على مذهب المحقق الخراساني فلان (لا ضرر) ناظر إلى متعلق الحكم، فكل موضوع ضرري لا حكم له.
فعلى كلا المعنيين - وهما كون الحكم الضرري لا جعل له أو كون الموضوع الضرري لا حكم له - يكون (لا ضرر) حاكما على أدلة الاحكام الأولية وان كان بينهما فرق، وهو حكومة (لا ضرر) بناء على مذهب الشيخ على قاعدة الاحتياط الموجب للعسر أو الضرر، لان الاحتياط نشأ عن لزوم مراعاة الاحكام الواقعية المجهولة، وعدم حكومته عليها بناء على مذهب صاحب الكفاية، لان الاحتياط ناش عن الجمع بين المحتملات، ولا ضرر ولا عسر في نفس المتعلقات إذ لو كانت معلومة لم يكن في فعلها ضرر ولا حرج كما صرح به في دليل محتملاته احتياطا) ولكن فيه إشكال ذكرناه هناك في الجز الرابع ص 592 فراجع.
وعليه فلا وجه للعدول عن الحكومة إلى التوفيق العرفي بالنسبة إلى المعنى الذي اختاره صاحب الكفاية.
وأما على مذهب من جعل (لا ضرر) نهيا، فيقدم على أدلة الاحكام الأولية