وإذا ورد عنه: (قال كذا) وشك في أنه صلى الله عليه وآله مخبر عن الله تعالى أو أمر أو نهى باعتبار المنصبين المتفرعين على الرسالة وهما الرئاسة والقضاء فالحمل على الامر المولوي منوط بقيام قرينة من حال أو مقام.
إذا عرفت ما ذكرناه، فنقول في توضيح إرادة النهي السلطاني من (لا ضرر):
ان هذه الجملة وردت في قصة سمرة تارة عقيب قوله صلى الله عليه وآله للأنصاري: (اذهب فاقلعها وارم بها إليه) كما في موثقة زرارة، وأخرى عقيب قوله صلى الله عليه وآله لسمرة الفاسق:
(انك رجل مضار) كما في مرسلته. كما أن هذه الجملة وقعت تارة مسبوقة بلفظ (قضى) كما في رواية عقبة بن خالد في حكاية قضائه صلى الله عليه وآله بمنع فضل الماء، إذ فيها (وقال لا ضرر ولا ضرار) وأخرى غير مسبوقة بلفظ قضى وشبهه كما في مرسلة الدعائم.
وقد عرفت أن لفظي (قضى) و (حكم) ظاهران في المولوية لا الارشادية، وأن وجوب الإطاعة انما هو من جهة القضاوة والسلطنة لا من جهة الاخبار عن حكم الله الكلي.
وأما لفظا (قال ويقول) ونظائرهما، فان وردت في مقام قطع الخصومات دلت على وجوب الإطاعة من حيث كونه صلى الله عليه وآله قاضيا، وان وردت في مقام جعل الامارة لشخص دلت على الامر السلطاني، لكونه أميرا على الأمة.
ففي المقام تكون جملة (لا ضرر) بناء على وقوعها عقيب لفظ (قضى) كما نقل عن مسند أحمد بن حنبل برواية عبادة بن الصامت في ضمن أقضية رسول الله صلى الله عليه وآله ظاهرة في كون النهي عن الضرر نهيا قضائيا تجب إطاعته من حيث إنه صلى الله عليه وآله قاض وحاكم، وبناء على وقوعها عقيب لفظ (فإنه وقال) كما في موثقة زرارة ومرسلته من طرقنا فهي ظاهرة بعد التأمل في صدر قضية سمرة وذيلها وشأن صدور الحديث - وأنه من اشتكاء المظلوم عند السلطان لدفع الظلم والاعتداء - في صدورها منه صلى الله عليه وآله بنحو الامرية بما أنه سلطان الأمة ودافع الظلم عن الرعية، فان الأنصاري