المضي، للاستدلال به في كثير من رواياته على الحكم الوضعي دون محض التكليف، فالنهي هنا نظير الامر بالوفاء بالشروط والعقود، فكل إضرار بالنفس أو الغير محرم غير ماض على من أضره، وهذا المعنى قريب من الأول بل راجع إليه.).
لكنه لا يخلو من غموض، لتوقفه على الملازمة بين حرمة الاضرار بالغير تكليفا ووضعا، مع أن الأمثلة التي ذكرها المختارة وهو النفي أجنبية عن هذا التلازم، فإنه (قده) مثل للنفي بقوله: (فلزوم البيع مع الغبن حكم يلزم منه ضرر على المغبون فينتفي بالخبر، وكذلك لزوم البيع من غير شفعة للشريك، وكذلك وجوب الوضوء على من لا يجد الماء الا بثمن كثير، وكذلك سلطنة المالك على الدخول إلى عذقه وإباحته له من دون استئذان من الأنصاري، وكذلك حرمة الترافع إلى حكام الجور إذا توقف أخذ الحق عليه، ومنه براءة ذمة الضار عن تدارك ما أدخله من الضرر).
والملازمة المزبورة انما تتجه في مثال سلطنة المالك، لأنها منشأ لتضرر الأنصاري، فيمكن القول بزوال سلطنته من جهة حرمة الاضرار. وأما في سائر الفروع المذكورة فلا، حيث إن المرفوع في مسألة شراء ماء الوضوء بثمن كثير هو الالزام والوجوب لا حرمة الشراء حتى يستلزم فساد الوضوء به. وكذا في مثال حرمة الترافع، فان مجرد تضرر صاحب المال لا يوجب جواز الترافع إليهم لانقاذ حقه. وعقد الغابن ليس حراما تكليفا حتى يلازم حكمه الوضعي وهو جواز العقد.
وبيع الشريك حصته ليس حراما حتى يكون سلطنة الشريك على فسخه لأجله.
هذا كله مع الغض عما في تنظير (لا ضرر) ب آية وجوب الوفاء بالعقود الدالة على حليتها تكليفا ووضعا بالملازمة العرفية من الاشكال، لامكان تحريم الشارع للضرر من دون أن يكون من موجبات الضمان، كما هو واضح لمن تأمل.