منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٦٨
تحليلية هو اجتماع أركان البراءة فيهما، فان أركانها من قابلية موردها للوضع والرفع تشريعا، ومن تعلق الجهل به، ومن كون رفعه منة على العباد موجودة في جميع أقسام الأقل والأكثر، ضرورة أن الشك في شرطية شئ للمركب سواء أكان منشأ انتزاعها موجودا مغايرا للمشروط كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، أم متحدا معه في الوجود كالعدالة بالنسبة إلى الشاهد مثلا يرجع إلى الشك في جعل الشارع، بداهة أن الشرطية مما تناله يد التشريع، فتجري فيها البراءة، فإذا أمر الشارع بعتق رقبة وشككنا في اعتبار خصوصية الايمان فيها ولم يكن لدليله إطلاق جرت فيه البراءة.
وكذا إذا أمر المولى بإطعام حيوان وشككنا في أنه اعتبر ناطقيته أولا، فلا مانع من جريان البراءة في اعتبار الناطقية فيه، لان اعتبارها مما تناله يد التشريع، فيصح أن يقال: إطعام الحيوان معلوم الوجوب، وتقيده بالناطقية مشكوك فيه، فيجري في البراءة.
وكذا يصح أن يقال: ان عتق الرقبة معلوم الوجوب، وتقيدها بالايمان مشكوك فيه فينفي بالبراءة. ولا يعتبر في الانحلال وجريان أصل البراءة الا المعلوم التفصيلي والشك البدوي، وأما اعتبار كون الشئ المعلوم وجوبه تفصيلا موجودا كأجزاء المركب الخارجي كالصلاة فلا دليل عليه لا عقلا ولا نقلا، وانما المعتبر فيه هو كونه قابلا لتعلق الحكم الشرعي به، وذلك حاصل، لامكان إيجاب عتق مطلق الرقبة وإطعام مطلق الحيوان بدون تقييد الرقبة بالايمان، و تقييد الحيوان بفصل خاص من فصوله وان توقف وجوده على أحد فصوله، الا أنه يمكن لحاظه موضوعا بدون اعتبار فصل خاص من فصوله، فيكون المطلوب حينئذ مطلق وجود الحيوان من دون