منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٧٠
الانسان بما له من المعنى مباين للحيوان عرفا، فالعلم الاجمالي بوجوب إطعام الانسان أو الحيوان يوجب الاحتياط بإطعام خصوص الانسان، لان نسبة حديث الرفع إلى وجوبإطعام كل من الانسان و الحيوان على حد سواء، فأصالة البراءة في كل منهما تجري وتسقط بالمعارضة، فيبقى العلم الاجمالي على حاله، ومقتضاه الاحتياط بإطعام الانسان، لأنه الموجب للعلم بفراغ الذمة).
وذلك لأنه تارة يعلم بوجوب إطعام الحيوان ويشك في تقيده بكونه إنسانا أو غيره، فالشك حينئذ متمحض في تقيد موضوع الحكم بقيد وهو الناطقية أو غيرها، وأخرى يعلم إجمالا بوجوب إطعام حيوان أو إنسان بمعنى أن المولى قال: أكرم حيوانا أو إنسانا، بحيث يتردد الموضوع بينهما، فعلى الأول لا ينبغي الاشكال في جريان البراءة في خصوصية الانسانية أو غيرها، ضرورة أن موضوعية الحيوان للحكم معلوم، ودخل الخصوصية فيه مشكوك، ولم يقم بيان عليه، فتجري فيه البراءة.
وعلى الثاني يجب الاحتياط، إذ المفروض دوران الموضوع بين الحيوان والانسان، وهما متباينان، حيث إن الحيوان الذي جعل موضوعا في مقابل الانسان لا يراد به الا الحصة المتفصلة بفصل الناطقية المباينة للحصة المتفصلة بفصل الناهقية، فأصل البراءة في كل منهما يجري ويسقط بالمعارضة، ويبقى العلم الاجمالي على حاله، و مقتضاه الاحتياط بإطعام الانسان وغيره.
وكذا ظهر ضعف ما في المتن من عدم جريان البراءة مطلقا الا في المطلق والمشروط، حيث إنه أجرى فيه البراءة الشرعية دون العقلية، مع أن الحكم إذا كان فعليا من جميع الجهات فلا مجال لجريان شئ من البراءتين فيه كما نبه عليه أيضا في الهامش.