منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٦٤
والتعبد كما في الرسائل.
وأورد عليه المصنف في حاشية الرسائل بمنع ابتناء القولين على المبنيين المذكورين، قال (قده): (لا يخفى أن تنجس ملاقي النجس و لو جاء من قبل وجوب الاجتناب عنه بأن كان الخطاب الدال على وجوب الاجتناب عنه دالا على وجوب الاجتناب عن ملاقيه عرفا غير مستلزم للحكم بنجاسة ملاقي أحد الطرفين، لان العقل الحاكم في الباب بوجوب الاجتناب انما يحكم به من باب المقدمة العلمية، و هذا الباب مسند في طرف الملاقي، فكيف يتعدى حكمه إلى ما ليس فيه ملاكه ومناطه، فتأمل جيدا).
ومحصله: أن نجاسة الملاقي تتوقف على سراية النجاسة من الملاقى المعلوم النجاسة إليه حتى يكون الملاقي محكوما بحكم ملاقاة، و المفروض أن الملاقاة كانت لما هو محتمل النجاسة بالاحتمال المنجز، لكونه مقرونا بالعلم، ولم تكن ملاقاة لمعلوم النجاسة حتى يحكم بنجاسته، فلا وجه حينئذ لتسرية الحكم إلى الملاقي، لما عرفت من أن تمام موضوع حكم الشارع بوجوب الاجتناب عن الملاقي هو ملاقي النجس أو المتنجس بناء على منجسيته، وهو لم يحرز بعد حتى يشمله الدليل.
ولكن الظاهر متانة ما أفاده الشيخ (قده) ضرورة أن السراية توجب اتحاد المتلاقيين في الحكم، وليس الغرض إثبات الحكم الشرعي بنجاسة الملاقي حتى يقال: ان الملاقاة هنا لمحتمل النجاسة لا معلومها فلا يحكم بنجاسته، بل الغرض إثبات التنجز له كتنجز ملاقاة، لان مناط لزوم الاجتناب عقلا عنه - وهو المقدمية - موجود في كل من المتلاقيين بوزان واحد، حيث إن الملاقي بناء على السراية