منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٧٢
متين، فان العلة تؤثر في المعلول في كل آن، ولا يكفي حدوثها في بقاء الأثر إلى الأبد، وهذا الحديث جار في كل ما يكون مطلقا وجوده مؤثرا في المعلول.
لكن الظاهر أن التنجز ليس كذلك، حيث إنه عبارة عن انكشاف الحكم للمكلف ووصوله إليه الموجب لانقطاع عذره الجهلي، وحكم العقل باستحقاق العبد للمؤاخذة على المخالفة، وهذا المعنى في نفسه غير قابل للتعدد، فان العقل انما يحكم باستحقاق العقوبة على عصيان التكليف الواصل بالعلم أو بحجة أخرى، ومن المعلوم أن قيام صرف الوجود من الحجة موضوع لهذا الحكم العقلي، إذ التكليف الواحد بوصوله إلى المكلف له إطاعة واحدة ومعصية كذلك، و يترتب على عصيانه استحقاق العقاب، وهذا الأثر باق ما دامت الحجة الأولى باقية غير مرتفعة بالشك الساري أو العلم بالخطإ، ولا أثر لقيام الحجة الثانية على نفس الحكم في تنجيزه، لوضوح عدم قابلية التنجز الذي هو وصول الحكم الشرعي إلى المكلف بحيث تصح المؤاخذة على مخالفته للتعدد والتكرر، فهو من قبيل تحصيل الحاصل المحال. وعليه فالمنجز الأول باق على تنجيزه الا أن ينكشف خلافه أو يزول بالشك الساري.
وعلى هذا فإذا علم إجمالا بوجوب الاجتناب عن النجس المردد بين الأصليين فقد تنجز الوجوب فيهما، والعلم الاجمالي الثاني الحاصل بعد الملاقاة - في الصورة الأولى - لا تؤثر شيئا، لأنه حصل بعد قيام صرف الوجود من الحجة على وجوب الاجتناب المردد بين الملاقى وصاحبه، وشرط منجزية العلم الاجمالي عدم سبق المنجز إلى بعض الأطراف، وإمكان منجزيته على كل تقدير من تقادير احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على الأطراف، والعلم الاجمالي الثاني لا يمكن أن ينجز