منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٧١
اقتران العلمين، فإنه يمتنع أن ينحل أحدهما بالآخر، لأنه ترجيح بلا مرجح، فان انحلال أحد العلمين بالعلم الاخر بحيث يسقط العلم المنحل عن التأثير ليس حقيقيا، بل هو حكمي).
ومحصل مرامه قدس سره: أن اسناد التنجيز في المقام إلى أسبق العلمين وإيجابه لسقوط المتأخر عن التأثير وانحلاله به ليس بلا مرجح بل معه، وهو سبق أحدهما على الاخر، وهذا بخلاف فرض اقتران العلمين، فإنه يمتنع انحلال أحدهما بالآخر، لان تساوي أقدامهما مانع عن الترجيح، فيكون ترجيحا بلا مرجح.
والانحلال في صورة السبق عقلائي بمعنى عدم اعتناء العقلاء باللاحق وعدم كونه حجة على مؤداه، بل الحجة عليه هو السابق.
أقول: ينبغي النظر في ما هي حقيقة التنجز، ولما ذا امتنع تنجز ما تنجز سابقا حتى جعل ذلك من المسلمات، فقيل: (المنجز لا ينجز ثانيا) كي يظهر حال بعض ما ورد من كلمات الاعلام في المقام، فنقول وبه نستعين: ان مبنى الاشكال المتقدم مقايسة تأثير العلم وسائر الحجج في التنجيز بالعلل التكوينية، والظاهر أنها مع الفارق، و توضيحه: أنه لا ريب في استقلال العلة التامة في التأثير، وأنه بحدوث العلة الثانية يحصل الاشتراك فيه، ويصير كل منهما جز العلة بعد أن كانت الأولى تمام العلة -، فيستند سخونة الماء حدوثا إلى النار التي أوقدت تحته في الساعة الأولى، ويستند إليها وإلى النار التي أوقدت بجنبه في الساعة الثانية، فكل من النارين تؤثر في بقاء سخونة الماء بعد أن كانت الأولى مستقلة في التأثير حدوثا، كاستناد الأثر إليهما حدوثا فيما إذا أوقدتا معا من أول الامر. وهذا كلام