منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٧٣
على أي تقدير، إذ لو كان النجس المعلوم بالاجمال هو الملاقى، فقد تنجز وجوب الاجتناب عنه، وقد تقدم أن التنجز غير قابل للتكرر.
ولو كان هو طرف الملاقى فقد تنجز أيضا، فلا مجال لتنجزه ثانيا.
وعليه فاستحالة تنجز المنجز انما هي لأجل عدم الموضوع له، لما تقدم من أن موضوع حكم العقل وهو صرف وجود الحجة، وقد قامت أولا حسب الفرض وانكشف بها الواقع وترتب عليه حكم العقل باستحقاق العقوبة، فلا ينكشف ثانيا بوجود حجة أخرى، لعدم تحمل حكم واحد لانكشافين يستتبع كل منهما استحقاق المؤاخذة على المخالفة، ولذا يكون العلم الثاني ترددا صوريا غير موجب لحدوث التكليف، ومن المعلوم أن المنجز هو العلم الاجمالي بالحكم الفعلي على كل تقدير، دون غيره.
وبهذا البيان يتضح متانة كلام الماتن وتماميته، والمناقشة في الاشكال المحكي عن شيخنا المحقق العراقي (قده).
ومع الغض عما ذكرناه فما أجاب به سيدنا الأستاذ (قده) بظاهره لا يخلو عن تأمل، إذ مع تسليم (إناطة التنجيز في كل آن بالعلم في ذلك الان وعدم استناده إلى العلم في الان قبله، لعدم كفاية حدوث العلم في التنجز إلى الأبد) يمكن دعوى أن إسقاط العقلاء للعلم المتأخر عن التأثير يكون من باب الخطأ في مقام التطبيق، كمسامحتهم في تطبيق الكر على ما دون المقدار الشرعي بقليل، إذ لو بني على كون المنجز - وهو العلم - كسائر العلل في إمكان تشريك المقتضي اللاحق في التأثير بقاء مع المقتضي السابق كان اسناد الأثر إلى أسبق المقتضيين بالخصوص - في تمام الأحوال التي منها حال مقارنة المقتضي المتأخر في الوجود للسابق منهما - بضرب من العناية بحيث