منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٥٨
حتى يقال: ان أصل الملاقي يجري في طول أصل الملاقى من دون مانع من التعارض، ولا يجب الاجتناب عن الملاقي لسلامة أصله النافي لوجوب الاجتناب عنه عن المعارض. بل يكون الملاقي في عرض الملاقى وطرفه، فيكون الأصل الجاري فيه في عرض الأصل الجاري في الملاقى وطرفه، فتتساقط الأصول الجارية في الأطراف الثلاثة، فيكون الكل محكوما بلزوم الاجتناب.
وبالجملة: ففي صورة التعبد، وكذا بناء على السراية بمعنى الاكتساب لا يجب الاجتناب عن الملاقي، لجريان الأصل المرخص فيه بلا مانع، لكونه في طول الملاقى لا في عرضه حتى يسقط بالتعارض، و أما بناء على السراية بمعنى الانبساط فنفس دليل النجس كما يقتضي الاجتناب عن النجس، كذلك يقتضي وجوبه عن ملاقيه أيضا، لأنه عينه عنوانا، نظير دليل حرمة الربيبة على زوج أمها المدخول بها، فان نفس دليل حرمة الربيبة يدل على حرمة بناتها وان نزلن أيضا عليه، لصدق الربيبة عليهن كصدقها على بنت الزوجة بلا واسطة، هذا.
وأما المقام الثاني، فمحصله: أن الظاهر من التعبيرات الواردة في النص والفتوى نظير (إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ) و (ينفعل) و (ينجسه) ونظائرها هو كون النجس سببا لنجاسة ملاقيه، حيث إن التنجيس أسند إلى نفس النجس، وظهور الاسناد في السببية لا ينكر، نظير اسناد حرارة الماء إلى النار.
وهذا المعنى - أي كون النجس سببا لنجاسة ملاقيه - هو السراية بمعنى الاكتساب الذي عبر به شيخنا المحقق العراقي (قده)، لكن لا يراد بهذه السببية السببية التكوينية، إذ النجاسةحكم شرعي، وليست أمرا تكوينيا حتى تنشأ عن أمر تكويني كحركة المفتاح الناشئة عن حركة اليد. ولا السببية التشريعية، إذ