منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٧٠
فإنه (1) لولا الثبوت في الواقع لما كان للاثبات والكشف والدلالة مجال،
____________________
(1) هذا تقريب التبعية، فإن ترتب مقام الكشف والاثبات على مقام الثبوت بمكان من الوضوح.
عقلائي، فلو لم تكن التبعية ثابتة لم يكن وجه لهذه الإناطة. (وتوهم) كون الدلالة الوضعية تابعة للإرادة، لأجل ضيق دائرة الغرض من الوضع - وهو تفهيم المعنى المقيد بإرادته دون المعنى المطلق - وضيق الغرض يسري إلى دائرة الوضع، فلا يبقى له إطلاق يعم صورة عدم الإرادة، وعليه فالدلالة تابعة للإرادة دائما (مدفوع) بمنع كون الغرض من الوضع تفهيم المعنى المراد بحيث يكون الإرادة قيدا للمعنى، بل الغرض الداعي إلى الوضع هو إيجاد علقة وربط بين اللفظ والمعنى، لينتقل الذهن بمجرد سماع اللفظ إلى المعنى انتقالا تصوريا ولو كان صادرا من لافظ غير ذي شعور، هذا. مضافا إلى: أن الداعي خارج عن حيز الموضوع له وغير موجب لتقيده كما لا يخفى. ومثله في الضعف ما يقال من: (أن الدلالة ليست مطلق التفات النفس إلى المعنى، بل هو التفات مخصوص، وهو التفات النفس إلى المعنى، من جهة أنه هو الذي صار للمتكلم داعيا إلى التكلم لأجل الاعراب عما في الضمير، وهذه لا يتصور فيها الانقسام إلى التصورية و التصديقية) انتهى. توضيح وجه الضعف: أن إنكار دلالة اللفظ للعالم بالوضع على ذات معناه مجردة عن الجهة التي صارت داعيه للمتكلم إلى التكلم خلاف الوجدان، فإن حقيقة الدلالة هي إخطار المعنى في ذهن السامع، ولا ريب في أن سماع اللفظ يوجب ذلك، والجهة الداعية إلى إلقاء الكلام من الجهات التعليلية للتكلم دون التقييدية، وهي خارجة عن حيز المعنى، ولا دخل لها في الدلالة أصلا، فما أفيد لا يتم في الدلالة التصورية، وإنما يتم في التصديقية كما اعترف به القائل، فصح انقسام الدلالة إلى التصورية والتصديقية.