منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٥٤
الهيئات باعتبار عدم لحاظ خصوصية مادة من المواد فيها.
وبالجملة: فعدم تعين المعنى في المقام يوجب نوعية الوضع. لكن فيه:
أولا: أنه مجرد إمكان لا دليل على وقوعه، بل مقتضى الأصل عدمه.
وثانيا: أنه مخالف لما ذكره علماء العربية من تعريف المجاز بأنه الكلمة المستعملة في غير ما وضع له، إذ لازم الوضع النوعي للمجاز هو إنكار المجاز رأسا، مع أنهم قسموا الاستعمال إلى الحقيقي والمجازي. ودعوى إرادتهم الوضع الشخصي في تعريف المجاز خالية عن البرهان، مضافا إلى أن إرادته تهدم أساس الوضع النوعي في سائر الموارد، وتوجب انحصار الحقيقة في الوضع الشخصي، وصيرورة الاستعمال في المعاني الموضوعة بالوضع النوعي مجازيا، وهو كما ترى.
وأما ترخيص الواضع للاستعمال في غير المعنى الموضوع له أولا، فان أريد به الوضع النوعي المتقدم فقد عرفت ما فيه، وان أريد به الاذن - كما هو الظاهر - فلا وجه لتوقف صحة الاستعمال المجازي عليه، إذ لا دليل على هذا التوقف بعد انحصار وظيفة الواضع في جعل اللفظ حاكيا عن المعنى وقالبا له بحيث يكون إلقاء اللفظ إلقاء للمعنى. إلا أن يقال: إن هذا الترخيص من شؤون الوضع الذي هو وظيفة الواضع، لكن هذا بمجرده لا يثبت الوقوع، لأعمية الامكان منه، بل الأصل عدمه.
فالحق أن يقال: إن الاستعمال فيما يناسب المعنى الموضوع له ليس بالوضع والترخيص، بل بالطبع، فكل ما يستحسنه الطبع من الاستعمال يصح وإن لم يكن شئ من العلائق المجازية المذكورة في كتب القوم موجودا، وكل