الطهارة قيدا وغاية يكون من قيود الموضوع، وتدل على طهارة ما لم يعلم نجاسته، واما لو احتمل عروض نجاسة أخرى عليه، فقاعدة الطهارة لا تصلح لاثبات بقاء الطهارة.
والحق ان يقال ان الأظهر جريان الاستصحاب في جميع موارد الأصول أعم من المحرز وغيره.
وذلك يظهر بعد بيان أمرين، أحدهما: ان الاستصحاب الموضوعي مقدم على الاستصحاب الحكمي لحكومته عليه، ثانيهما: انه لا يلزم ان يكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي، بل يجرى الاستصحاب لو كان المستصحب عدم الحكم الشرعي أو كان اثره ذلك مثلا يستصحب حياة زيد لترتيب عدم الإرث عليه.
وبعد هذا نقول، اما الأصل غير المحرز كقاعدة الطهارة فما ثبت طهارته بقاعدة الطهارة، وشك في النجاسة فاما ان يكون الشك، هو الشك الأول فيكفيه أصالة الطهارة، لأنها باقية إلى يوم القيمة، واما ان يكون من جهة احتمال عروض النجاسة أي نجاسة أخرى عليه فيجرى استصحاب عدم عروضها، ويحكم بعدم تنجسه ولا تصل النوبة إلى استصحاب الطهارة، وان كان في نفسه جاريا من جهة انه يثبت بها طهارة ظاهرية، وهي متيقنة وجدانا، هذا إذا قلنا بان الطهارة امر عدمي والنجاسة امر وجودي.
وان قلنا انهما أمران وجوديان، فقد يتوهم ان هذا الأصل لا يترتب عليه الطهارة لعدم حجية في مثبتاته.
لكنه توهم فاسد: فان الدليل المثبت للنجاسة بالملاقاة حجة في مثبتاته لكونه دليلا وامارة فبالملاقاة كما يثبت النجاسة يثبت عدم الطهارة فإذا جرى استصحاب عدم الملاقاة، يحكم بعدم تحقق عدم الطهارة، ومن الواضح ان عدم الطهارة هو الطهارة.
وكذلك الأصل المحرز كالاستصحاب فلو غسل الثوب بماء مستصحب الطهارة، فإنه لو شك في بقاء الطهارة لاحتمال ملاقاة الثوب مع نجاسة أخرى يجرى استصحاب عدم الملاقاة وهو مقدم على استصحاب الطهارة.