ما يدل على لزوم هجر القياس بقول مطلق فليس بدليل معتبر.
ويضاف إليه ان استقرار السيرة على ما ذكر، لعله من جهة انه إذا كان أحد الخبرين موافقا للقياس لا محالة يكون الآخر مخالفا للعامة، وقد جعل ذلك من المرجحات في الاخبار.
وبما ذكرناه ظهر ما في كلمات المحقق الخراساني في الكفاية قال، الا ان الأخبار الناهية عن القياس وان السنة إذا قيست محق الدين مانعة عن الترجيح به ضرورة ان استعماله في ترجيح أحد الخبرين استعمال له في المسألة الشرعية الأصولية وخطره ليس بأقل من استعماله في المسألة الفرعية.
ثم انه (قده) تنبه لاشكال، وهو انه كيف يعمل القياس في الموضوعات، وينقح به الموضوع الشرعي مثلا لو حصل الظن بالقبلة من القياس لا كلام بينهم في العمل به، وان الظن الحاصل منه حجة فليكن المقام من هذا القبيل، أي يرجح أحد الخبرين به.
وأجاب عنه بالفرق بينهما: فان القياس في الموضوعات ليس في الدين، واما المعمول في المقام فنحو اعمال له في الدين، ضرورة انه لولاه لما تعين الخبر الموافق له للحجية بعد سقوطه عنها بمقتضى أدلة الاعتبار، والتخيير بينه، وبين معارضه بمقتضى أدلة العلاج.
والأقوى ان المراد من اعمال القياس في الدين، ان كان ترتب الحكم الشرعي عليه واستنتاجه منه ولو بوسائط بمعنى انه لولا القياس لما كان يستنتج ذلك، فهو وان كان يصدق في المقام، الا انه يصدق في القياس المعمول في الموضوعات، أيضا إذ لولاه لما كان يكتفى بالصلاة إلى الطرف المظنون، أو لم تكن متعينة، بل كان يصلى إلى الجوانب الأربع أو كان مخيرا في الصلاة إلى أي طرف شاء على اختلاف المسلكين، وان كان المراد ترتب الحكم عليه بلا واسطة فكما انه في القياس في الموضوع لا يترتب الحكم عليه، كذلك في المقام فان الترجيح انما يكون بأثره التكويني وهو الظن فلا يحكم بالترجيح لأجل القياس.
وبذلك يظهر انه لا وجه لعدم الترجيح به على القول بالترجيح بالامارة غير