الشارع وهو مقدور بواسطة القدرة على مقدماته فالعبد قد ترك الواجب المقدور عليه فيستحق العقاب بذلك وامتناعه في ظرفه انما هو بسوء اختيار العبد.
واما ما ذكره أخيرا من فرض العبد نائما حين الفعل، فيرد عليه، انه ان استند ترك الحج مثلا إلى النوم لا يستحق العقاب ولكن في الفرض انما يكون مستندا إلى ترك المقدمة في زمانها وهذا النوم المفروض وقوعه في زمان امتناع الفعل وجوده وعدمه سيان وهذا واضح.
ومنها: ما افاده المحقق السبزواري أيضا، وحاصله انه ان لم تجب المقدمة فوجوب ذي المقدمة بالإضافة إليها وجودا وعدما اما ان يكون مطلقا أو يكون مشروطا بوجودها. فان كان مطلقا كان معناه وجوب ذي المقدمة في ظرف عدم الاتيان بالمقدمة وهو ممتنع لأنه تكليف بما لا يطاق فيثبت كونه مشروطا باتيان المقدمة ولازمة عدم استحقاق العقاب بترك ذي المقدمة من ناحية ترك مقدمته لعدم الوجوب حينئذ لفقدان شرط الوجوب فلا يكون تاركه بترك المقدمة مستحقا للعقاب.
وفيه: أولا انه لو تم ما أفيد لزم عدم وقوع الكذب في الأمور المستقبلة مثلا لو أخبر المخبر بأنه يسافر غدا فعلى فرض عدم المسافرة لا وجه لتكذيبه إذ اخباره بالمسافرة اما ان يكون على تقدير ايجاد جميع المقدمات والمفروض عدم وجود واحدة أو أكثر منها فلا يكون كذبا إذ عدم تحقق الملزوم في فرض عدم تحقق اللازم ليس كذبا في القضية الشرطية.
وثانيا بالحل وهو ان الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بين القيود فمعنى اطلاق وجوب ذي المقدمة انه لأنظر له إلى المقدمات وجودا وعدما والمفروض كونه في الفرضين تحت قدرته واختياره فلا اشكال فيه.
ومنها: ما افاده المحقق الخراساني وهو وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات فان ذلك من أوضح البرهان على وجوب المقدمة، لوضوح انه لا يكاد يتعلق بمقدمة امر غيري الا إذ كان فيها مناطه، وإذا كان فيها كان في مثلها، فيصح تعلقه بها أيضا لتحقق ملاكه.