الامر بمفاد ليس التامة، فلا مانع من استصحاب عدمها من هذه الجهة.
ولكن لا يجرى الاستصحاب من جهة أخرى وهي انه لا يترتب الأثر على ذلك، لعدم كون وجوب المقدمة اثرا للملازمة كما لا يخفى.
واما المورد الثاني: فمقتضى الاستصحاب عدم وجوب المقدمة: لمعلومية عدم وجوبها حال عدم وجوب ذيها وقد استدل لعدم جريانه بوجوه.
الأول: انه يعتبر في جريان الاستصحاب ان يكون التعبد الشرعي بالمستصحب واثره ممكنا عقلا في نفسه. وحيث انه على تقدير ثبوت الملازمة بين الوجوبين لا يعقل التعبد بعدم وجوب المقدمة فالشك فيها يوجب الشك في امكان التعبد بعدم وجوبها، وقد عرفت انه مع عدم احراز امكان التعبد لا يجرى الاستصحاب.
وأجاب المحقق الخراساني (ره) عن ذلك بان الملازمة على فرض ثبوتها فإنما هي بين الوجوبين والواقعيين، وأصالة عدم وجوب المقدمة فعلا مع وجوب ذيها كذلك لا تنافى تلك - نعم - لو كانت الملازمة المدعاة هي الملازمة بين الفعليين صح التمسك بذلك في اثبات بطلانها.
أقول يرد على ذلك على ما هو ظاهره بدوا ما أورده المحقق العراقي (ره) من أن من يدعى الملازمة انما يدعيها بين الفعليين أيضا، ولكن الظاهر بعد التأمل انه أراد ما حاصله:
ان الملازمة على فرض ثبوتها انما هي بين الوجوبين الواقعيين لا بين الوجوبين الواصلين بهذا القيد. ففي مرحلة الوصول يمكن ان يصل وجوب ذي المقدمة ولا يصل وجوب المقدمة. فيحكم في الظاهر بعدم وجوبها غير المنافى لوجوبها واقعا، وعلى هذا فهو متين جدا.
وبه يظهر عدم تمامية ما ذكره بعضهم من أنه إذا جرى الأصل وثبت عدم وجوبها يستكشف منه عدم ثبوت الملازمة بين الملازمة بين الوجوبين. فان بالاستصحاب لا يثبت ذلك الا على القول بالأصل المثبت.
ويمكن ان يجاب عن هذا الوجه بجواب آخر، وهو انه لا يعتبر في جريان الاستصحاب احراز امكان التعبد بل يعتبر عدم احراز استحالته: إذ الاستصحاب كساير