وهذا التقسيم لا يترتب عليه ثمرة.
وأخرى يطلقان بلحاظ مقام الثبوت، والاطلاق بلحاظ هذا المقام قد يكون بلحاظ تعلق الالتفات إذ ربما يكون المحبوب ملتفتا إليه مستقلا، وربما يكون ملتفتا إليه ارتكازا واجمالا بمعنى انه لو التفت إلى موجبها لإرادة. وبهذا المعنى يتصف كل من النفسي والغيري بالأصلي والتبعي، ولا يختص التقسيم إليهما بالغيرى. مثلا، تارة يعلم المولى بان ابنه في شرف الغرق وملتفت إلى ذلك وبامر عبده بانقاذه. وأخرى لا يلتفت إليه ويكون وجوب الانقاذ حينئذ بحكم العقل، وهذا هو الوجوب النفسي التبعي إلى لو التفت إلى موجبه لأوجبه.
وقد يطلقان بلحاظ تعلق الإرادة، فإنه ربما يكون تعلق الإرادة لأنه محبوب وفيه مصلحة، وربما يكون من جهة ترشحا من إرادة متعلقة بشئ آخر، وبهذا المعنى يختص الأصلي بالواجبات النفسية وهي منحصرة فيه. ويختص التبعي بالغيرية. وبعبارة أخرى يكون هذا التقسيم بعينه التقسيم السابق أي التقسيم إلى النفسية والغيرية، إذ الواجب النفسي ما يكون متعلقا للإرادة مستقلا ناشئة عن محبوبيته، والغيري يكون متعلقا للإرادة، المترشحة من إرادة أخرى، فوجوب الواجب النفسي اصلى، ووجوب الغيري تبعي.
والمحقق الخراساني حيث جعل الأصلي بالمعنى الثاني - أي الملتفت إليه استقلالا - مقابلا وقسيما للتبعي بالمعنى الثالث أي المراد بالإرادة المترشحة، التزم بجريان القسمين في الواجبات الغيرية دون النفسية، وبما ذكرناه عرفت عدم التقابل بينهما، وان الواجب الغيري لا يعقل كونه، أصليا بالمعنى الأخير، بالجملة، هذا التقسيم باللحاظين الأولين لا يترتب عليه ثمرة، وباللحاظ الأخير يرجع إلى التقسيم السابق.
قال في الكفاية إذا كان الواجب التبعي ما لم يتعقل به إرادة مستقلة فإذا شك في واجب انه اصلى أو تبعي فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت انه تبعي انتهى.
وأورد عليه المحقق الأصفهاني بان معنى عدم استقلالية الإرادة لو كان نشوها عن إرادة أخرى وترشحها منها فالأصلية موافقة للأصل إذ الترشح من إرادة أخرى امر وجودي