النحو من الوجوب بما لابد منه.
وبما ذكرناه توضيح ما افاده المحقق النائيني يظهر اندفاع ما أورده عليه بعض الأعاظم وهو انه لم يقم برهان على عدم الفرق بين الإرادتين في جميع اللوازم والآثار، بل الدليل على خلافه فان استلزام تعلق الإرادة التكوينية بشئ لتعلق إرادة أخرى بمقدمته، انما هو لأجل ان فعل المريد نفسه لا يتحقق الا بعد الاتيان بالمقدمة فلا مناص عن ارادتها، واما الإرادة التشريعية، فحيث انها متعلقة بفعل الغير، فلا تستلزم تعلق إرادة أخرى بمقدماته. وبعبارة أخرى ان الاستلزام في الإرادة التكوينية انما هو لأجل توقف فعله على المقدمة المتوقفة على ارادتها، وهذا المناط ليس في الإرادة التشريعية، بل المتعلق لها انما هو فعل الغير وتحت اختياره فلا موجب لتعلق إرادة أخرى بمقدماته. وان شئت قلت إن الإرادة التكوينية لا تتعلق بذى المقدمة الا بعد ايجاد المقدمة المتوقف على ارادتها، فإرادة ذي المقدمة متوقفة على إرادة المقدمة خارجا، وهذا بخلاف الإرادة التشريعية كما لا يخفى.
فان هذا الايراد يتم لو كان المدعى تعلق إرادة مستقلة أصلية، ولا يتم في القهرية التبعية الترشحية لو التفت إليها.
وأورد عليه الأستاذ الأعظم بايرادين: الأول: ان تعلق الشوق بفعل الغير لا يستلزم تعقله بمقدماته بعد فرض كونه تحت اختيار الغير وان صدوره انما يكون باختياره.
وفيه: ان الشوق كما يتعلق بفعل الغير كذلك يتعلق بما لا يمكن مع عدمه وجود المشتاق إليه.
الثاني: ان التكليف ليس هو الشوق بل حقيقته اعتبار كون الفعل على ذمة الغير، وهذا فعل من أفعال المولى ويحتاج في خروجه عن اللغوية إلى ترتب اثر عملي عليه، وحيث إن صدور المقدمة خارجا لازم على المكلف وان لم يأمر به لتوقف الواجب النفسي عليه، فالامر بها لغو محض لا يصح صدوره من الحكيم.
وفيه: ان المدعى التبعية القهرية المصلحة المترتبة على ذي المقدمة كما أوجبت جعل الوجوب له كذلك توجب جعل الوجوب قهرا لما هو واقع في سلسلة علل وجوده