- وبعبارة أخرى - كما أن الشوق يتعلق بها قهرا كذلك ما يتبعه وهو جعل الوجوب واختياريته انما يكون من جهة كون علته وهو جعل الوجوب على ذي المقدمة تحت الاختيار والقدرة لامن جهة تعلق القدرة به مستقلا. فالمتحصل تمامية هذا الوجه.
ومنها: اتفاق أرباب العقول كافة عليه على وجه يكشف عن ثبوت ذلك عند العقل نظير الاجماع الذي ادعى في علم الكلام على وجود الصانع أو على حدوث العالم، فان اتفاق أرباب العقول كاشف قطعي اجمالا عن حكم العقل، وليس ذلك هو الاجماع المصطلح كي يورد عليه بعدم جواز التمسك بالاجماع في المسألة العقلية، لعدم كونه كاشفا عن رأى المعصوم (ع). ولكن يرد عليه انه لا مثبت لوجود هذا الاتفاق.
ومنها: ما عن المحقق السبزواري، وحاصله انه يلزم من عدم وجوب المقدمة عدم كون تارك الواجب المطلق مستحقا للعقاب، بيان الملازمة انه إذا كلف الشارع بالحج ولم يوجب المسير إليه فترك العبد المسير إليه ولم يأت بالحج، فاما ان يستحق هذا التارك العقاب في زمان ترك المشي أو في زمان ترك الحج، في موسمها المعلوم، لا سبيل إلى الأول لأنه لم يصدر منه في ذلك الزمان الا ترك المشي غير الواجب عليه، ولا إلى الثاني لان اتيان الحج في ذلك الزمان ممتنع بالنسبة إليه فكيف يستحق العقاب بما يمتنع الصدور منه، ثم نقول إذا فرضنا ان العبد بعد ترك المقدمات كان نائما في زمان الفعل فاما ان يستحق العقاب أولا، لا وجه للثاني لأنه ترك الواجب مع كونه مقدورا له فيثبت الأول، فاما ان يحدث استحقاق العقاب في حالة النوم أو قبلها لا وجه للأول، لان العقاب انما يكون على الفعل القبيح، ولا للثاني لان السابق على النوم لم يكن الا ترك المقدمة والمفروض عدم وجوبها.
وفيه: ان لنا اختيار كلا الشقين - اما الأول: فقوله ان العقاب في زمان ترك المقدمة لا وجه له لعدم كونه واجبا، يرد عليه، انه انما يستحق العقاب على ترك المقدمة لكونه سببا لترك الحج الواجب فان تركه مستند إلى ترك المقدمة اختيارا. واما الثاني:
فقوله ان ترك الحج غير مقدور له فلا يمكن اتصافه بالقبح ولا استحقاق العقاب عليه، يرده ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا انفاقا - وبعبارة أخرى - ان الحج أوجبه