بالامر الواقعي وعدمه فيما إذا انكشف الخلاف بعلم أو علمي. فقد اختلفت كلمات الأصحاب فيها على أقوال منها: الاجزاء مطلقا ومنها: عدمه مطلقا ومنها: التفصيل بين ما إذا انكشف الخلاف بعلم وجداني، وما إذا انكشف بعلم تعبدي فيجزى على الثاني دون الأول: مطلقا أو بعض اقسام السببية، وعدم الاجزاء على الثاني، ومنها: التفصيل بين الامارات والأصول، فيجزى في المورد الأول: ولا يجزى في الثاني، ومنها: ما اختاره المحقق الخراساني الذي سيمر عليك ومنها: غير ذلك من التفاصيل - وستمر عليك - وقبل الشروع في البحث لا باس بنقل ما افاده المحقق الخراساني وبه يظهر موارد البحث.
محصل ما افاده، ان مؤدى الامارة، أو الأصل، قد يكون حكما شرعيا جعل موضوعا لحكم آخر أو قيدا لموضوع حكم آخر، كالطهارة المجعولة قيدا للماء والتراب، وشرطا لجواز الدخول في الصلاة، وكحيلة لحم حيوان خاص، كالأرنب، المجعولة قيد الجواز الصلاة في الوبر المتخذ منه، وما شاكل، وقد يكون حكما شرعيا غير مجعول موضوعا لحكم آخر، أو قيد الموضوع حكم، كوجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة، فالكلام في موردين.
اما المورد الأول: فاما ان يكون الحكم الظاهري ثابتا بأصل عملي، كاصالة الطهارة والحلية، والاستصحاب (بناءا على ما يشير إليه في التنبيه الخامس من الاستصحاب، من اختيار كون المجعول فيه الحكم المماثل)، واما ان يكون ثابتا بامارة شرعية، كخبر الواحد، والبينة، وما شاكل، فان كان ثابتا بالأصل، فحيث ان المأخوذ في موضوعه الشك، ويجعل الحكم على الشك بلا نظر إلى الواقع أصلا، ولذا لا يتصف بالصدق والكذب، بل بتبدل الشك إلى العلم، يتبدل الموضوع والحكم، ولا يتصور فيه انكشاف الخلاف، فلا محالة يكون دليله حاكما على ما دل على الاشتراط ومبينا لدائرة الشرط، وانه أعم من الطهارة الواقعية مثلا: فانكشاف الواقع لا يكون موجبا لانكشاف فقد ان العمل لشرطه، بل بالنسبة إليه يكون من قبيل ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل فلا مناص عن البناء على الاجزاء. واما ان كان ثابتا بالامارة التي تكون ناظرة إلى الواقع وكاشفة عنه من دون جعل شئ آخر وحكم في موردها. فلابد من البناء على عدم الاجزاء على الطريقية.