الانسان، وهذا أيضا بديهي.
الثالثة: ان العنوان الكلى الملحوظ قبل الوضع، ربما يكون من العناوين الذاتية، أو منطبقا عليها، وبكلمة أخرى يكون جامعا ذاتيا بين الافراد كالانسان، وربما يكون من العناوين الانتزاعية الحاكية عن الخصوصيات اجمالا، مثل عنوان فرد الكلى.
إذا عرفت هذه المقدمات فاعلم أن جماعة من الأصحاب التزموا بعدم معقولية الوضع العام والموضوع له الخاص مستندا إلى استلزامه الوضع لما لم يلاحظ، فان الملحوظ هو الطبيعي، والموضوع له هو الافراد. وجملة من المحققين التزموا بامكانه، مستدلا له بان لحاظ الجامع لحاظ للافراد اجمالا، ولا يعتبر في الواضع أزيد من ذلك.
وحق القول في المقام، ان الملحوظ ان كان من قبيل القسم الأول المذكور في المقدمة الثالثة، لا يعقل الوضع للافراد، لعدم حكاية الجامع عنها، لمغايرته مع الخصوصيات، فلا وجه لدعوى ان لحاظ الجامع لحاظ للافراد بوجه، فحيث لا تكون الافراد ملحوظة، فلا يصح الوضع لها، كما عرفت في المقدمة الأولى. وان كان من قبيل القسم الثاني المذكور فيها، لا استحالة في الوضع للافراد، فان العنوان الملحوظ، حاك اجمالا عن جميع الخصوصيات، وقد عرفت في المقدمة الثانية، كفاية لحاظ الموضوع له اجمالا في الوضع.
ولعله بما ذكرناه يجمع بين كلمات الأصحاب بان يكون نظر الطائفة الأولى إلى القسم الأول، ونظر الطائفة الثانية إلى القسم الثاني.
واما الوضع الخاص والموضوع له العام، فعن المحقق صاحب الدرر امكانه، واستدل له، بأنه إذا تصور الواضع شخصا وجزئيا خارجيا، فوضع اللفظ للجامع بينه وبين ساير الافراد، فان كان عالما تفصيلا بالقدر المشترك بينه وبين ساير الافراد، فلا محالة يكون الوضع عاما كالموضوع له، ولكن إذا لم يعلم به تفصيلا، وعلم اجمالا بوجود الجامع كما إذا رأى جسما من بعيد ولم يعلم أنه حيوان أو جماد فوضع اللفظ بإزاء ما هو متحد مع هذا الشخص، لا يكون الوضع الا خاصا، إذ الموضوع له العام لم يلاحظ الا بالوجه، وهو الجزئي المتصور لفرض عدم تعقل الجامع.