ويرده ان الوضع سواء كان اعتباريا، أم كان هو الالتزام والتعهد النفساني، أم تنزيليا، فهو يكون متحققا قبل الاستعمال، واستعمال في المعنى، أو التصريح به يكون مبرزا لذلك، فدائما يكون الوضع قبل الاستعمال. مع أن المتكلم لابد وان يلاحظ اللفظ مستقلا في مقام الاستعمال دائما كي يصح الاستعمال. وانما يلاحظه السامع المخاطب آلة. فان حقيقة الاستعمال القاء اللفظ إلى المخاطب لينتقل ذهنه من اللفظ إلى المعنى، ويحمل عليه المتكلم بما اراده. فاللاحظ آلة، هو المخاطب دون المتكلم. والمتكلم لابد وان يلاحظ مستقلا، فيكون فعل المتكلم من قبيل جعل المرآة، وسماع المخاطب من قبيل النظر إلى المرآة ليرى نفسه. ومن الوضح ان جاعل المرآة لا ينظر إليها آلة. فتدبر فإنه دقيق.
أضف إلى ذلك، ان الوضع عبارة عن جعل اللفظ بحيث يكون حاكيا، والاستعمال هو جعله حاكيا فعليا، وهو لازم لجعله بحيث يكون حاكيا، فكما انه في الانشائيات ربما يجعل الشئ بنفسه، كجعل الوجوب والحرمة، وتمليك العين في الهبة، وربما يجعل الشئ بجعل لازمه، كجعل العقاب على ترك الفعل، أو الاتيان به، وتسليط المتهب الذي هو لازم التمليك، كذلك في الوضع، يمكن جعله مستقلا، ويمكن جعله بجعل لازمه وهو جعل اللفظ حاكيا فعليا بالاستعمال.
وأيضا أورد عليه: بان الاستعمال يتوقف على كون اللفظ مفهما فعلا، وهو يتوقف على الوضع، فإذا كان الوضع حاصلا بالاستعمال، كما هو المفروض، يلزم الدور. وفيه ان كون اللفظ مفهما بلا قرينة يتوقف على الوضع، والاستعمال انما يتوقف على كونه مفهما ولو مع القرينة فلا دور. فالوضع التعييني بقسميه خال عن الاشكال.
واما الوضع التعيني فان بلغ فيه الاستعمال إلى حد حصل الارتباط بين اللفظ والمعنى، بحيث كان ينتقل الذهن إلى المعنى من سماعه ولكن لم يضع أحد ذلك اللفظ لذلك المعنى، لم يتحقق الوضع لعدم التعهد، والاعتبار، والتنزيل. وان وضع أحد أو جماعة، وأبرزه ولو بالاستعمال، فهو يرجع إلى الوضع التعييني.
وبالجملة ان الاستعمال وان ما بلغ، لا يؤثر بوجوده الخارجي في حصول