الأول، في تحقيق المعاني الحرفية، والمفاهيم الأدوية، وبيان المراد من عدم استقلالها. وليعلم انه يترتب على البحث عن حقيقة المعنى الحرفي ثمرات مهمة:
منها، في الواجب المشروط، حيث إنه لو قلنا: انه جزئي، أو آلى مغفول عنه، لا يعقل رجوع القيد إلى الهيئة، إذ كونه مغفولا عنه، ينافي لحاظه مقيدا وكذلك الجزئية، لا تلائم مع التقييد، ولأجل ذلك أنكر الشيخ الأعظم الواجب المشروط.
ومنها في مفهوم الشرط، إذ لو كان المعنى الحرفي آليا مغفولا عنه لا يعقل رجوع القيد إلى مفاد الهيئة، كما أنه لو كان جزئيا، لابد من انكار مفهوم الشرط فيما إذا كان الوجوب مستفادا من الهيئة، لان انتفاء الحكم الجزئي بانتفاء شرطه عقلي لا ربط له بالمفهوم، بل الدلالة على المفهوم تتوقف على كون المعلق على الشرط سنخ الحكم. و لذلك فضل الشيخ، بين ما كان الحكم في الجزاء، مستفادا من المادة كقوله (ع) إذا زالت الشمس وجبت الصلاة، وما كان مستفادا من الهيئة، مثل ان جائك زيد فأكرمه، حيث التزم بدلالة القضية الشرطية على المفهوم في الأول دون الثاني، بملاك ان الحكم في الأول كلي وفي الثاني جزئي. وكيف كان فقد اختلفوا في حقيقة المعنى الحرفي على أقوال:
منها: ان الحروف لم توضع لمعنى أصلا، بل وضعت لان تكون قرينة على كيفية إرادة مدخولها، نظير الاعراب، مثلا وضعت لفظة " في " لان تكون قرينة على ملاحظة الدار لا بما هو موجود عيني خارجي، بل بما هو موجود أيني وظرف مكان لشئ آخر، حيث إن الدار يلاحظ بنحوين: تارة بما ان لها وجود عيني خارجي، فيقال: دار زيد كذا، وأخرى بما ان لها وجود أيني أي ظرف مكان لشئ آخر، فكلمة " في " وضعت لتدل على أن الدار في قولنا: ضربت زيدا في الدار، لوحظت بنحو الأينية لا العينية، كما أن الرفع، مثلا قرينة على أن ما اتصل به من الاسم الواقع بعد الفعل، كقولنا:
ضرب زيد، هو الصادر عنه الفعل، بلا دلالة على معنى خاص، وهذا لقول منسوب إلى المحقق الرضى.
ومنها: ما يقابل هذا القول تمام التقابل، و هو انه لا فرق بين معاني الحروف و