معاني الأسماء في عالم المفهومية، وانما الفرق بينهما، انما يكون فيما هو خارج عن حريم المعنى والمستعمل فيه، وهو الاستقلالية والالية اللتان هما من قيود الوضع، و مميزاته على ستعرف توضيحه، من دون ان تكونا دخيلتين في الموضع له. فالمعنى في حد ذاته لا يتصف بالاستقلال ولا بعدمه وانما نشأ من اشتراط الواضع، وهما من توابع الاستعمال وشؤونه، واختار هذا القول المحقق الخراساني، ونسب إلى المحقق الرضى أيضا.
ومنها ان الحروف لها معان في قبال المعاني الاسمية، وهي في حد كونها معان، أي في عالم التجرد العقلاني معان غير مستقلة، بخلاف المعاني الاسمية فإنها معان مستقلة، فكما ان الجوهر في وجوده لا يحتاج إلى موضوع بخلاف العرض، مع أنهما في حد ذاتهما وكونهما معاني لا يحتاجان إلى موضوع، فكذلك المفاهيم الاسمية في عالم التجرد العقلاني بجواهرها واعراضها معاني مستقلة، عكس المعاني الحرفية.
ثم إن أصحاب هذا القول، اختلفوا في بيان الخصوصية المميزة لكل منهما عن الاخر على أقوال، وستمر وما هو الحق منها.
واما القول الأول فيرد عليه - مضافا إلى ما ستعرف عند ذكر البرهان على ما نختاره في المعنى الحرفي - انه لا ريب في أن الجملة مفيدة لمعنى غير معاني مفرداتها من الأسماء، مثلا " زيد في الدار " مفيد لظرفية الدار لزيد، وهي غير معنى زيد ودار وحيث انها مأخوذة في مفهوم الدار وليس شئ آخر في الكلام غير كلمة " في " يدل عليها، فيتعين ان يكون الدال عليها كلمة " في " والقياس على علامات الاعراب وان كان صحيحا الا انه نلتزم في المقيس عليه أيضا بذلك كما سيمر عليك.
واما القول الثاني، فيرد عليه ان لازم ذلك جواز استعمال كل من الحرف والاسم في موضع الاخر، مع أنه لا ريب في كونه من أفحش الأغلاط، لا حظ ما إذا استعملت مكان سرت من البصرة، سير، ابتدا، بصرة، وهذا الاشكال ذكره المحقق الخراساني (ره)