موضع الاخر، فان شرط الواضع لان يستعمل كل منهما في المعنى المشترك في حالة خاصة، بما انه لا يكون راجعا إلى الموضوع، ولا الموضوع له ولا الوضع، لا يكون لازم الاتباع.
واما ما أورده هو (قده) عليه، بان ما ذكره مستلزم لكون المعنى في نفسه لا مستقلا ولا غير مستقل وليس هذا الا ارتفاع النقيضين، فهو غير تام. إذ الاستقلالية والالية في كلماته أريد بهما الاستقلالية والآلية في اللحاظ، فقبل تعلق اللحاظ بالمعنى لا يكون متصفا بشئ منهما، لعدم قابلية المعنى للاتصاف بأحدهما في نفسه، فلا يلزم ارتفاع النقيضين.
وعن بعض الأعاظم، ان مراده: ان المعنى الأسمى والحرف متحدان في طبيعي المعنى، وانما الاختلاف بينهما في أن كلا منها، حصة خاصة من ذلك الطبيعي الجامع.
توضيح ذلك: ان المعنى الحرفي هو الطبيعي الملحوظ آلة، والمعنى الأسمى هو الطبيعي الملحوظ استقلالا، وحيث إن الطبيعي ما لم يتحصص لم يوجد لا خارجا ولا ذهنا، فكل حصة موجودة بوجود تغاير ساير الحصص، وان كان جميع الحصص مشتركة في أصل الطبيعي، وهذا هو معنى قولنا: ان نسبة الطبيعي إلى الافراد نسبة الاباء إلى الأبناء لا نسبة الأب الواحد. والحرف موضوع للحصص الموجودة باللحاظ الآلي، والاسم موضوع للحصص الموجودة باللحاظ الاستقلالي، ولا نعنى بذلك وضع كل منهما للحصص مقيدة باللحاظ الآلي، أو الاستقلالي، حتى يرد عليه المحاذير الثلاثة المذكورة في الكفاية، بل المراد وضعهما لذوات الحصص التوأمة مع اللحاظ، وانما يؤخذ اللحاظ عنوانا معرفا، وعليه فيصح ان يقال: ان الاسم والحرف وضعا لمفهوم واحد ومع ذلك لا يجوز استعمال أحدهما في موضع الاخر.
وفيه: بعد ما ستعرف من أن مراده ليس ذلك أيضا - انه لو سلم كون هذا مراده ان ما ذكروه في محله - من أن الموجود لابد وأن يكون حصة من الطبيعي، ولا يعقل ان يكون هو الطبيعي، والا يلزم ان يكون شئ واحد موجودا بوجودات متباينة، فيكون نسبة الطبيعي إلى الافراد نسبة الاباء إلى الأبناء. انما هو في الوجود الخارجي، واما في الوجود