للجنابة، قبل الفجر، فيما إذا وجب صوم الغد، فإنه على فرض عدم معقولية الواجب المعقل، حيث إن الغرض مترتب على الصوم المقيد بالطهارة ويستحيل ان يأمر بهما بأمر واحدا جامع بين ما قبل الفجر، وما بعد الفجر، فلا مناص من استيفاء غرضه بأمرين، واحدهما بالصوم بعد الفجر، والاخر بالغسل قبله، حيث يكون الأمران ناشئين عن غرض واحد فهما في حكم امر واحد، واطاعتهما، كعصيانهما، واحدة، والمقام على فرض عدم امكان اخذ قصد الامر في متعلق الامر الأول من هذا القبيل: إذ لو كان الغرض مترتبا على الصلاة بداعي القربة، والمفروض انه لا يمكن استيفائه بأمر واحد، فلابد له من الامرين، امر متعلق بذات الصلاة، وامر متعلق باتيانها بقصد القربة.
وأورد عليه في الكفاية بايرادين:
1 - القطع بأنه ليس في العبادات الا امر واحد كغيرها من الواجبات والمستحبات، ويرده انه لا سبيل إلى هذه الدعوى، بعد ملاحظة ان بناء الشارع ليس على اخذ تمام اجزاء المأمور به التي يمكن اخذها في متعلق الامر الأول فيه، بل غالبا بأمر بالقيود والاجزاء بأوامر عديدة كما لا يخفى.
2 - ان الامر الأول ان كان يسقط بم ء رد موافقته ولو لم يقصد به الامتثال كما هو قضية الامر الثاني فلا يبقى مجال الثاني مع موافقة الأول بدون قصد امتثاله فلا يتوسل الامر إلى غرضه بهذه الحيلة والوسيلة وان لم يسقط بذلك فلا يكاد يكون له وجه الا عدم حصول غرضه بذلك من امره لاستحالة سقوط مع عدم حصوله، والا لما كان موجبا لحدوثه، وعليه فلا حاجة في الوصول إلى غرضه وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض الامر بمجرد موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره انتهى.
والظاهر أن مراده ان الامر الثاني المتعلق باتيان العمل بقصد امره، ان كان تأسيسيا اقتضى ان يكون اتيان متعلق الامر الأول لا بداعي امره تحت اختيار المكلف وقدرته عقلا وشرعا مع قطع النظر عن الامر الثاني، والا فلو كان العقل يحكم بلزوم اتيانه بقصد امره لم يكن هذا الامر الثاني تأسيسيا، ولما كان المولى محتاجا في تحصيل غرضه إلى