مخزون لا يعلمه الا هو من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعمله 1. ونحوهما غيرهما.
إذا تدبرت فيما ذكرناه يظهر لك أن البداء انما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والاثبات، وأما القضاء الحتمي المعبر عنه بأم الكتاب والعلم المخزون عند الله تعالى فيستحيل أن يقع فيه البداء.
ففي خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بدا لله في شئ الا كان في علمه قبل أن يبدو له 2.
وفي خبر الجهني عنه عليه السلام: ان الله لم يبدله من جهل 3.
وفي خبر منصور بن حازم عنه عليه السلام قال: سألته هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال عليه السلام: لا، من قال هذا فأخزاه الله. قلت: أرأيت ما كان ما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق 4.
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
والى ما ذكرناه نظر العلامة المجلسي (ره) قال: اعلم أن الآيات والاخبار تدل على أن الله تعالى خلق لو حين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات: أحدهما اللوح المحفوظ الذي لا تغير فيه أصلا وهو مطابق لعلمه تعالى، والاخر لوح المحو والاثبات فيثبت فيه شيئا ثم يمحوه لحكم كثيرة لا تخفى على أولى الألباب. مثلا: يكتب فيه أن عمر زيد خمسون سنة، ومعناه أن مقتضى الحكمة أن يكون عمره كذا إذا لم يفعل ما يقتضى طوله أو قصره، فإذا وصل الرحم مثلا يمحى الخمسون ويكتب مكانه الستون وإذا قطعها يكتب مكانه أربعون، وفي اللوح المحفوظ أنه يصل وعمره ستون، كما أن الطبيب الحاذق إذا اطلع على مزاج شخص يحكم بأن عمره بحسب هذا المزاح يكون ستين سنة