لمعنيين، وليس الاستعمال الا ايجاد المعنى بنحو وجوده اللفظي خارجا، وقد مر ان الايجاد والوجود متحدان بالذات، وحيث إن الوجود واحد فكذا الايجاد، ثم قال (قده) ان الاستعمال لو فرض محالا تحققه بلا لحاظ لكان محالا.
وفيه أولا: ما مر من أن حقيقة الوضع ليست الا التعهد بذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى وليس الاستعمال الا فعلية ذلك فحدث الوجود التنزيلي مما لا يرجع إلى محصل.
وثانيا: لازم ما ذكره قده الالتزام باستحالة الاشتراك إذ بعد ما صار وجود طبيعي اللفظ الذي هو الموضوع له وجودا تنزيليا لمعنى خاص كيف يمكن صيرورته وجودا تنزيليا لاخر، وبعبارة أخرى يحث الاستعمال ليس الا فعلية الوضع ويكون هو بنحو الذي وضع، فان التزم هو (قده) في الوضع بالوجود التنزيلي فليس له الالتزام بامكان الاشتراك والا فليس له الالتزام بذلك في مقام الاستعمال. وثالثا: انه لا محذور في صيرورة الوجود الحقيقي الواحد وجودين تنزيليين لشيئين إذا لوجود التنزيلي انما يتحقق بالوضع والاعتبار وهو خفيف المؤنة، الا ترى في عكس المسألة قد يكون المنزل عليه واحدا كالأسد والمنزل متعددا كزيد، وعمر، وغيرهما من افراد الانسان. والحل في ذلك ما ذكرناه من أن الوجود التنزيلي امر اعتباري يحصل بالوضع وهو خفيف المؤنة، فتحصل انه لا دليل على الاستحالة.
القول الثاني: امكانه ثم إن القائلين بهذا القول اختلفوا على أقوال:
الأول: انه مجاز مطلقا: واستدل له صاحب تشريح الأصول، بان كل وضعت مستقل ولا يكون ناظرا إلى الاخر ومتمما له فالواضع حين وضع اللفظ لكل من المعنيين أو المعاني لم يتصور الا المعنى الواحد، فيجب ان يكون الاستعمال على وفق الوضع بان يتصور أحد المعنيين أو المعاني وإلا لزم الخروج عن طريقة الواضع.
وفيه: ان متابعة الواضع لازمة، في الخصوصيات الراجعة إلى الموضوع، والموضوع له، والوضع، واما في غير ذلك فلا يعتبر مثلا من وضع لفظا لمعنى أو علما لشخص، وكان في تلك الحالة متعمما فهل يتوهم أحد لزوم كون المستعمل حين الاستعمال كذلك، مع أنه لا قطع بذلك ويحتمل ان يكون وضع المشترك لجميع ما هو