الظهور العرفي في إرادة الواحد، وقيل هذا العرف والعقلاء ببابك، فاختير ذلك منهم فيما لو امر المولى العرفي عبده باتيان ماله معان متعددة كالعين: فإنهم لا يحكمون بلزوم اتيان جميع معانيه. فلو تمت هذه الدعوى، والا فمقتضى الاطلاق الحكم بإرادة الجميع.
ولو دار الامر بين إرادة مجموع المعنيين، أو جميعهما بنحو التعدد في الاستعمال، فلابد من الحمل على إرادة المعنيين بالنحو الثاني: إذ الاستعمال على الأول: مجاز دون الثاني، وأصالة الحقيقة تثبت الثاني.
واما لو قلنا بعدم جواز الاستعمال في أكثر من معنى، فسواء تردد الامر بينه وبين إرادة أحد المعنيين، أو مجموعهما لا سبيل إلى الالتزام به كما هو واضح، واما ان قلنا بأنه ممكن ولكنه مجاز فان دار الامر بين ارادتهما ذلك، أو أحدهما يحمل على الثاني لأصالة الحقيقة، وان دار بين ارادتهما كذلك، أو إرادة مجموع المعنيين فحيث ان كلا منهما مجاز فلا أصل يعين أحدهما فلابد من الانتهاء إلى الأصول العملية.
ثم انه قال المحقق الخراساني بعد ما منع عن جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد: وهم ودفع لعلك تتوهم ان الأخبار الدالة على أن للقرآن بطونا سبعة أو سبعين تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه، ولكنك غفلت عن انه لا دلالة لها أصلا على أن إرادتها كانت من باب إرادة المعنى من اللفظ فلعلها كانت بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى لا من اللفظ كما إذا استعمل فيها، أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ وان كان أفهامنا قاصرة عن ادراكها انتهى.
ويرد على ما افاده أولا: ان إرادة المعنى، بمعنى تصوره حين استعمال اللفظ في غيره، لا توجب كون ذلك المتصور بطنا للقرآن ومعنا له بل كانت شيئا أجنبيا عنه أريدت حال التكلم بألفاظه، مع أن ذلك لا يوجب عظمة القرن على غيره وفضيلته على ساير المحاورات لا مكان ان يراد المعاني بأنفسها حال التكلم بالألفاظ غير القرآن بل بالمهملات، نعم ما افاده ثانيا من كون المراد بالبطون لوازم معناه وملزوماته التي لم تصل إلى ادراكها أفهامنا القاصرة تام.