أريد الانتقال التصديقي بمعنى انه يحكم بان المتكلم أرادهما معا، فان بنينا على جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد كما هو الحق وستعرفه فلا محذور فيه، والا فلازمه الاجمال كما هو واضح.
الوجه الثالث: وهو يختص بما بنينا عليه من أن حقيقة الوضع هو التعهد، بذكر اللفظ عند إرادة المعنى، وحاصله ان التعهد الثاني ينافي التعهد الأول ومناقض له ولا يمكن بقائه معه، الا ترى انه لو تعهد زيد بأنه لو لبس الثوب الأبيض فهو مريد للكوفة، ثم تعهد ثانيا: بأنه لو لبسه فهو مريد المشي إلى مكة، يكون التعهد الثاني منافيا للأول.
وفيه: أولا: سيأتي انه يجوز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، وعليه فلازم هذين التعهدين انه عند ذكر اللفظ مريد لتفهيم معنيين ولازم ذلك أنه عند عدم نصب القرنية يحمل على ارادتهما معا. وثانيا: ان الواضع انما يتعهد ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى، لا انه يتعهد إرادة المعنى عند ذكر اللفظ والفرق بين التهدين واضح لا يخفى، فتحصل انه لا دليل على الاستحالة.
وقد استدل لوجوبه بان الألفاظ متناه لتألفها من حروف الهجاء التي هي متناهية والمركب من المتناهي متناه والمعاني غير متناهية فلابد من الاشتراك فيها.
وأجاب عنه صاحب الكفاية بأجوبة: أربعة. الأول: ان الوضع لجميع المعاني غير المتناهية يستدعى الأوضاع غير المتناهية. وفيه: ان الوضع بنحو الوضع العام والموضوع له الخاص امر ممكن كما تقدم فكون المعاني غير متناهية لا يوجب عدم تناهى الأوضاع لامكان ان يكون بهذا النحو. الثاني انه لو سلم ذلك لا يجدى الا في مقدار متناه لاستدعاء استعمال الألفاظ في جميعها الاستعمالات غير المتناهية. وفيه: ان المراد من عدم التناهي في هذا المقام عدم التناهي العرفي، والا فالعلم بأجمعها يكون متناهيا، وعليه فالاستعمالات غير المتناهية بالنسبة إلى شخص واحد، وان امتنع الا انه بالنسبة إلى جميع افراد البشر لا امتناع فيه كما لا يخفى. الثالث: ان المجاز باب واسع. وفيه: ان الاستعمال المجازى يتوقف على ذكر القرينة اللفظية غالبا لتعذر القرائن الحالية بحسب الغالب، وبذلك يظهر الجواب عن جوابه الرابع، وهو عدم لزوم الوضع للجزئيات بل يوضع