فيه: فان معنى لحاظ الشئ إحاطة النفس به وحيث انها من المجردات فلا مانع من إحاطتها بشيئين في آن واحد، وان شئت قلت إن الذهن يكون كالخارج كما أنه في الخارج يمكن ان يجتمع شيئان في الوجود كذلك في الذهن، بل هو واقع كثيرا. الا ترى انه كثيرا ما يصدر عن الانسان فعلان اختياريان كان يمشى ويتكلم، مع أن كلا منهما يتوقف تحققه على تصوره ولحاظه.
الوجه الثاني: ما في الكفاية وحاصله: ان اجتماع اللحاظين في آن واحد وان كان لا محذور فيه إذا كان الملحوظ متعددا، الا انه ممتنع إذا كان الملحوظ واحدا، وعليه فالاستعمال في أكثر من معنى وان كان لا محذور فيه من حيث لحاظ المعنيين في آن واحدا، الا انه ممتنع من ناحية المستعمل، إذ حقيقة الاستعمال جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى بل بوجه نفسه كأنه الملقى، وعلى ذلك فاستعمال اللفظ في معنى يستلزم لحاظ اللفظ فانيا فيه أي لحاظه آلة للحاظه. ولا يعقل ان يكون في هذه الحالة ملحوظا بلحاظ آخر آليا أم استقلاليا، فاستعماله في معنى آخر لا يجوز، لاستلزامه اجتماع اللحاظين الآليين في شئ واحد.
وفيه: انه قد تقدم منا في الوضع انه عبارة عن التعهد والالتزام بالتلفظ بلفظ خاص عند إرادة تفهيم معنى مخصوص، فحقيقة الاستعمال عبارة عن جعل اللفظ علامة لا إرادة المعنى، وعليه فلا مانع من جعل اللفظ علامة لمعنيين لعدم استلزامه تعدد اللحاظين، كما نشاهد ذلك بالوجدان في التعهدات الخارجية. وعلى ذلك، فالاستعمال في معنيين كالاستعمال في معنى واحد لا يلاحظ اللفظ فيه الا بلحاظ واحد استقلالي، غاية الامر تارة يكون الداعي له هو تفهيم معنى واحد، وأخرى يكون تفهيم معنيين.
الوجه الثالث: ما ذكره المحقق الأصفهاني (ره) في حاشيته على الكفاية - وحاصله - ان وجود اللفظ في الخارج وجود لطبيعي اللفظ بالذات، ووجود لطبيعي المعنى بالتنزيل والمواضعة. وحيث إن المجود بالذات واحد فلا محالة يكون ذلك الوجود وجودا تنزيليا واحدا أو لا يعقل ان يكون وجودين تنزيليين لمعنيين إذ كما أن الوجود الواحد لا يمكن ان يكون وجود الماهيتين بالذات كذلك لا يعقل ان يكون وجودين تنزيليين