وكيف كان فمن هذه الأخبار: صحيحة عبد الله بن سنان قال: سأل أبي أبا عبد الله وأنا حاضر: أني أعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير، فيرد (ه. صا) علي فأغسله قبل أن أصلي فيه؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
" صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك، فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه، فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه " (1).
ووجه الدلالة: أن تعليل جواز الصلاة فيه وعدم الاحتياج إلى الغسل بطهارة الثوب قبلا وعدم اليقين بطروء النجاسة عليه، فيه دلالة واضحة على أن للطهارة السابقة دخلا فيه، وهو عبارة أخرى عن استصحاب الطهارة.
ويمكن الخدشة بأنه ليس في الجواب ما يكون مدلوله المطابقي اعتبار الاستصحاب، ومن المحتمل أن يكون ذكر الطهارة السابقة لتثبيت الشك في طهارته، فإنه لو كان نجسا لكان نجاسته حين الرد معلومة، لكنه كان طاهرا ولم يعلم أنه صار نجسا فكان مشكوك الطهارة تجري فيها قاعدة الطهارة، فتدبر جيدا.
ومنها: موثقة بكير بن أعين المروية في الكافي والتهذيب قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا استيقنت أنك قد أحدثت فتوضأ، وإياك أن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت " (2).
وهذه الموثقة أظهر من الصحيحة، لصراحتها في اعتبار العمل على طبق المتيقن السابق ما لم يستيقن انتفاؤه، وهو عبارة أخرى عن اعتبار قاعدة الاستصحاب.