ثم إنه بناء على دلالتها على اعتبار الاستصحاب فلا مجال لأن يقال:
إن تفريع قوله: " فليس ينبغي لك... إلى آخره " على إبداء احتمال حدوث النجاسة حين الرؤية يمنع عن حمل اللام في اليقين والشك على الجنس، بل الأنسب فيها العهد.
وذلك أن وقوع هذه الفقرة في موارد أخرى وفي الروايات المتعددة، مضافا إلى التعبير بعدم الانبغاء، شاهد على أنها قاعدة ارتكازية يمضيها الشارع، فالمراد به جنس اليقين والشك، وإبداء الاحتمال إنما هو لتبيين أنه مصداق لهذه القاعدة الكلية، فتنطبق عليه، والله العالم.
ومنها: صحيحة ثالثة عن زرارة، قد رواها ثقة الإسلام في الكافي، والشيخ في التهذيبين، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت له: من لم يدر في أربع هو أم (أو - يب صا) في ثنتين وقد أحرز الثنتين؟ قال: " يركع (ركع - يب) ركعتين وأربع سجدات - وهو قائم - بفاتحة الكتاب، ويتشهد ولا شئ عليه، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها (ركعة - صا) أخرى ولا شئ عليه، ولا ينقض اليقين بالشك، ولا يدخل الشك في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر، ولكنه (ولكن - صا) ينقض الشك باليقين، ويتم على اليقين، فيبني عليه، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات " (1).
وموضع الاستدلال بها قوله (عليه السلام): " ولا ينقض اليقين بالشك "، وتقريب دلالته يعلم مما مر في السابقتين.
والشيخ الأعظم (قدس سره) اعترف بأن ظاهر هذه الفقرة بنفسها هو قاعدة الاستصحاب، إلا أنها لما كان مقتضاها البناء على الأقل الذي عليه العامة فلأجل أن لا تحمل على التقية لمخالفتها لظاهر صدرها وفهم العلماء منها يحمل اليقين