كان احتمال الارتفاع مستندا إلى احتمال حدوث الرافع موجب للظن بالبقاء فيجب العمل به.
وفيه أولا: أنه ربما لا يحصل الظن بالبقاء، لخصوصيات حافة بالمورد مانعة عنه.
وثانيا: أن الأصل الأولي أن الظن لا يغني من الحق شيئا.
الثالث: دعوى قيام الإجماع على اعتبار الاستصحاب.
وفيه بعد تسليمه: أن الإجماع إنما يمكن حجيته في ما لم يحتمل استناد المجمعين إلى الأدلة التي بأيدينا، وهو هنا محتمل جدا، فإن من الممكن أن يكونوا قد استندوا إلى السيرة العقلائية المدعاة، أو إلى حصول الظن منه، أو إلى الأخبار الآتية، فلا يمكن كشف مثله عن رأي المعصوم (عليه السلام) وحكم الله الواقعي.
الرابع: وهو العمدة أنه قد وردت على اعتباره أخبار معتبرة مستفيضة:
منها: صحيحة زرارة المروية في التهذيب التي لا يضر باعتبارها الإضمار، قال: " قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال: يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن، فإذا نامت العين والاذن والقلب فقد وجب الوضوء. قلت: فإن حرك إلى جنبه شئ ولم يعلم به؟
قال: لا، حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجئ من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، ولكن ينقضه بيقين آخر " (1).
وموضع الاستدلال بها قوله (عليه السلام) في جواب السؤال الأخير: " وإلا فإنه الخ ".
وبيانه: أن الإمام (عليه السلام) قد أفاد في الجواب عن السؤال الأول: أن النوم الذي ينقض الوضوء ويوجبه إنما هو خصوص " ما غلب على العين والاذن والقلب " ليس أقل من ذلك، وحينئذ فقوله في مقام السؤال: " فإن حرك إلى جنبه شئ ولم يعلم به؟ " يراد به ذكر أمارة يظن معها، ولا أقل أنه يشك معها ويحتمل حدوث ذاك النوم