الإفتاء بمضمون أحد الخبرين ممنوع.
وقد يستدل لجواز الإفتاء بمضمون ما يختاره المفتي بأنه لا ريب في شمول أخبار التخيير للمجتهد، فإذا أخذ واختار أحد المتعارضين فعليه العمل به، وكما أن عمله الشخصي بمفاده كسائر الناس - إذا عمه الخبر عمل به - كذلك الإفتاء بمضمونه أيضا عمل به، فله الإفتاء بمضمونه (1).
أقول: وقد ظهر لك أن حقيقة الإفتاء هي الإخبار بحاصل ما يستفاد من الأدلة، وأن ملاك حجية قول المفتي أنه ثقة خبير لا أن الإفتاء واظهار الرأي بما أنه رأي له له أثر، كما في القضاء، فتذكر.
الثاني: هل التخيير في الأخذ بأحد الخبرين استمراري أو بدوي؟
قد استشكل استمراره تارة من جهة عدم بقاء موضوع حكم التخيير، وأخرى من جهة عدم شمول حكمه لمن أخذ بواحد من الخبرين.
أما عدم بقاء الموضوع: فإما لما في تعليقة المحقق الخراساني (قدس سره) على الفرائد من أن موضوعه المتحير وهو الذي ليس له للوصول إلى مقصده طريق بالفعل بسبب تعارض ما عنده من الخبرين، ولا ريب أنه بعد أخذ أحدهما يخرج عن هذا العنوان. وإما لما عن بعض أعاظم العصر على ما في تقرير بحثه - مصباح الأصول - من أن موضوعه من تعارض عنده الخبران ولم يأخذ بأحدهما فلا يشمل من أخذ بأحدهما.
وأما عدم شمول حكمه فلإنكار إطلاق أدلته بالنسبة لما بعد الإلتزام، قال الشيخ الأعظم (قدس سره): فالظاهر أنها - يعني أخبار التخيير - مسوقة لبيان وظيفة المتحير في ابتداء الأمر، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى حال بعد الالتزام بأحدهما، وأوضحه بعض أعاظم العصر (قدس سره) في تعليقة الدرر بأن ظاهر الأمر بالأخذ بأحد الخبرين هو إيجاب إحداث الأخذ، ولا يتصور إلا قبل الأخذ لا بعده، فإن ما بعده