بالنسبة للجاهل به، ومعه فلا وجوب - مثلا - على الجاهل، ولو في مرتبة ترتيب الآثار، فلا يبقى موضوع يقين بالتكليف لكي يجري فيه استصحاب البقاء أو قاعدة الاشتغال، فتدبر جيدا فإنه واضح جدا.
هذا كله في ما كان مبنى الاجتهاد السابق طريقا معتبرا.
ومنه يتبين حكم ما إذا كان مبناه البراءة عن التكليف، فإنها كما عرفت تقتضي الإجزاء.
وأما إذا كان مستنده استصحاب نفي التكليف ثم قام دليل على أن الحالة السابقة قد ارتفعت وان الحكم الشرعي كان هو التكليف فبناء على ما اخترناه من عدم اقتضاء الاستصحاب للإجزاء كان مقتضى القاعدة عدم الإجزاء، ولا يجري هنا ما قلناه في الأمارة التي انكشف خلافها من جريان حديث الرفع واقتضائه للإجزاء، وذلك أن المفروض في مورد الاستصحاب أنه كان شاكا بالفعل ذا يقين بالنسبة لزمانه السابق، فكان يجري فيه الاستصحاب ومعه لا مورد لقاعدة البراءة أصلا.
هذا كله في حكم المجتهد بالنسبة لأعمال نفسه.
حكم المقلد إذا تبدل رأي المجتهد:
وأما مقلدوه فهل هم أيضا محكومون بالإجزاء في الموارد الذي يحكم لمجتهدهم بالإجزاء؟
قد اختار سيدنا الأستاذ الإمام الراحل قدس سره الشريف في أصوله وفقهه عدم الإجزاء للمقلدين، حتى في موارد استناد مفتيهم إلى مثل أصل البراءة أيضا، واستدل له بأن أدلة الأصول، بل الأمارات إنما تكون دليلا ومرجعا للمجتهد المفتي نفسه، وأما المقلدون فالدليل والحجة لهم في جميع موارد التقليد دليل واحد، وهو أن رأي المجتهد حجة شرعية وطريق معتبر لهم، وحيث إن الأمارات لا تقتضي الإجزاء بعد كشف الخلاف، فاللازم هو القول بعدم الإجزاء للمقلدين مطلقا.