حصول الطهارة، وكما لو أمر بصيام شهرين متتابعين في بعض الكفارات فشك في تمام شهر أو نقصه. وأما إذا كان متعلق التكليف أمرا شخصيا خارجيا مبين المفهوم وقد شك في جزئية أمر له لأجل عدم العلم بخصوصية خارجية، كما إذا نذر صوم شهر رجب بعينه ثم شك في نقصه وتمامه فإن من المعلوم أن الشبهة في الموضوع الخارجي، وإلا فمفهوم شهر رجب حتى هذا الشهر المعين معلوم تفصيلا وبالجملة:
فالشبهة موضوعية، إلا أنه لمكان أن الوجوب متعلق بخصوص هذا الفرد لا بأمر كلي هو أحد مصاديقه فالمكلف بمقتضى انبساط التكليف المتعلق بالمركب على أجزائه يعلم بوجوب صوم الأيام المعلومة ويشك في أصل وجوب صوم يوم الشك، ومقتضى ما مر في الشبهة الحكمية في الجزئية أو الشرطية جريان البراءة عن وجوبه عقلا ونقلا، كما لا يخفى.
والبيان الذي لا بد منه في تنجز التكليف هو وصول التكليف الشرعي، واتضاح موضوعه الخارجي عند المكلف، ولذلك لو شك في خمرية مائع خاص جرى فيه البراءة العقلية والنقلية، مع أن بيان خمرية الموضوعات الخاصة ليس وظيفة الشارع أصلا.
الأمر الثالث: ما ذكرناه من البراءة في الشبهة الحكمية أو الموضوعية في الجزئية أو الشرطية إنما هو في ما كان المأمور به عين الأجزاء الخارجية، وأما إذا تعلق التكليف بأمر مسبب ومحصل عنها، كما إذا كان المأمور به تحصيل الطهارة وشك في جزئية أمر أو شرطيته لمحصله فالبيان الذي تقدم لتقريب البراءة الذي كان مبنيا على انبساط التكليف والشك في تعلقه بالمشكوك فيه لا يجري هنا، بل حيث إن المكلف يعلم بوجوب واجب عليه ويشك في تحققه فالواجب عليه معلوم لا يجري فيه حديث الرفع، والعقل يحكم بلزوم القطع بالفراغ عما علم اشتغال الذمة به.
وهذا هو مراد المشايخ (قدس سرهم) من وجوب الاحتياط عند الشك في المحصل، إلا أنه إنما يكون في ما كان الأمر المسبب والمحصل هو المأمور به، وأما إذا كان