بأنها منتفية في محيط حكومة القانون الشرعي لا يكون إلا إذا سد الشارع باب اختيارها على المكلف بتحريمها عليه، كما أنه يختلف هذه الحرمة من حيث كونها تكليفية أو وضعية حسب اختلاف الموارد، من كونها مقصودة بالأصالة والذات أو كونها مقصودة لأجل تحقق أمر يترتب عليها، كما في مادة الحرمة وهيئة لا تفعل أيضا، فحرمة شرب الخمر بأي قالب أفيدت تكون حرمة تكليفية نفسية، والنهي عن إجراء الصيغة بالفارسية بأي لفظ القي يدل على حرمة مانعية وضعية، كما هو واضح.
وفي ما نحن فيه حيث إن مدخول " لا " هو طبيعة الضرر بمعناه الاسم المصدري لا بمعناه المصدري الذي هو فعل للمكلف فنفيه لا يختص بخصوص فعل المكلف ليكون لازم نفيه حرمته، بل يعمه والضرر الحاصل من امتثال أحكامه تعالى، ويكون معنى نفيه: أن الشارع لم يوجب على المكلفين ما يوجب عليهم ضررا، فيؤول إلى نفي كل حكم ينشأ منه الضرر بالتقريب الذي ذكرناه، وهو واضح.
مفاد الحديث حكم شرعي، أم سلطاني؟
إن سيدنا الأستاذ (قدس سره) قد استظهر من الحديث: أن مفاده حكم حكومي سلطاني قد حكم به الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بما أنه إمام الأمة وولي المسلمين وسلطان الإسلام، وليس حكما شرعيا كسائر أحكام الشريعة، وقد بين هذا الاستظهار بتوضيح: أن للنبي والأئمة (عليهم السلام) مقامات ثلاثة: مقام بيان أحكام الله، ومقام ولاية أمر المسلمين، ومقام القضاء بينهم وفصل خصوماتهم. وبحسب المقام الأول وإن لم يكونوا إلا وسائط بين الله وعباده، ليس لهم بأنفسهم أمر ولا نهي، إلا أن لهم بحسب المقامين الآخرين أمر ولي الأمر أو القاضي، وقد ورد في الروايات ما يتضمن صدور الأمر منهم بما أنهم أولياء الأمر أو قضاة، والألفاظ في الحكاية والدلالة على صدور الأوامر السلطانية أو القضائية أو بيان حكم الله عنهم (عليهم السلام) مختلفة.