موارد الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري، إلا أنه ربما كان في تلك الموارد حكم شرعي تكليفي ظاهري مخالف للحكم الواقعي، كما في أصالة الحل والطهارة عند الشك، لكنه ليس في محل الكلام سوى المنع عن التنجيز، وترتب العقاب على مخالفته، كما في قبح العقاب بلا بيان.
ومنه تعرف أن قياس ما نحن فيه بالمنع عن العمل بالظن الحاصل من القياس صحيح واقع في محله.
وما قيل: من أن الحكم حيث كان قد وصل بالقطع كان حكما حقيقيا، فإنه البعث بداعي جعل الداعي، ولا يمكن كونه داعيا إلا بالوصول، وأما الظن فلم يصل فيه الحكم فلا يكون حكما حقيقيا فافترقا فيرد عليه: أن توقف الحكم الحقيقي على الوصول ممنوع، بل لا يتصور للحكم عند العقلاء إلا مرتبتان: مرتبة الإنشاء، ومرتبة الفعلية، فإذا جعل الأحكام ولم يجعل بمورد الإجراء والعمل، كما إذا جعلت أحكام لأن يعمل بها بعد سنة - مثلا - فهذه أحكام إنشائية، وإذا جعل الحكم بمرحلة الإجراء كان الحكم حينئذ فعليا، سواء أعلم به المكلف أم لا، فحقيقة الحكم وإن كانت هو البعث بداعي جعل الداعي إلا أن فعلية داعويته موقوفة على العلم به، أو قيام حجة أخرى عليه بشرط أن يكون العبد في مقام الامتثال، وقوامه ليس بفعلية الداعوية، بل مجرد إمكانها كاف، نعم، إن اللازم أن يوضع بيد الإجراء والعمل، ولا يعتبر فيه وفي فعليته أزيد من ذلك، والله العالم والعاصم.
الأمر الثاني في التجري والانقياد توضيح الحق في المقام بالتكلم في أمور:
الأول: في أن المطيع والعاصي هل يستحقان الثواب والعقاب؟.
فنقول: لا ينبغي الريب في أن الأفعال والمواد المتعلقة للأوامر والنواهي