مباحث القطع وكيف كان فلا بد أولا من ذكر ما يتعلق بالقطع من الأحكام، وبيان أحكامه وأقسامه - كما في الكفاية - يستدعي رسم أمور:
الأمر الأول في حجية القطع لا شك في أنه إذا حصل القطع فالقاطع يرى الواقع منكشفا لديه، فلا يحتمل الخلاف أصلا، والقطع منتهى ما أمكن من انكشاف الأشياء للإنسان، إلا أنه مع ذلك كله قد لا يصيب الواقع فيكون جهلا مركبا، فهذه الكاشفية المذكورة بها قوام القطع ومن ذاتياته، وسلبها عنه سلب لحقيقته، ولذلك لا يتصور فيه جعل تأليفي، وهو واضح.
ثم إن للقطع بالحكم أو الموضوع خاصتين:
إحداهما: صحة نسبة ذاك الحكم المقطوع به إلى المولى الحاكم، فيقول مثلا:
إن الله تعالى أوجب صلاة الجمعة، أو: إن رسوله (صلى الله عليه وآله)، شرع وجوبها، مع أنه لا يجوز لغير العالم أن ينسب حكما إليه لا عقلا ولا شرعا.
والثانية: أن القطع حجة منجزة للتكليف على العبد، فيعاقب على مخالفته إذا أصاب، ومعذرة له يعتذر به عند المولى مع إطاعته إذا أخطأ. ولا نعقل من وجوب الحركة على وفقه معنى قابلا للتصديق أزيد من تلك المنجزية، وإلا فلا يحكم